كتبت ريتا شمعون:
الشرق – بعد مرور أكثر من سبعة أشهر على حرب غزة وتداعياتها على أرض الجنوب تواجه السياحة في لبنان تحديات كثيرة يبدو انها لن تحقق الرقم المأمول هذا الصيف، على الرغم من تأكيد نقيب أصحاب مكاتب السفر والسياحة في لبنان جان عبود في حديث لجريدة «الشرق» بأن حجوزات اللبنانيين مشجعة جدا.
والسياحة التي تعدّ مصدرا كبيرا للتوظيف ومصدرا مهما للنقد الأجنبي للعديد من دول الشرق الأوسط مثل لبنان والأردن ومصر كانت قد شهدت تعافيا قويا عام 2023، قبل أن تندلع الحرب في قطاع غزة والهجمات الإسرائيلية المرتبطة به على طول الحدود الجنوبية للبنان وما نتج عنه من مخاوف بشأن عدم الإستقرار الأمني والسياسي. في ما خص لبنان، يطمئن عبود، أن نسبة الملاءة في حجوزات الطائرات القادمة الى لبنان في موسم الصيف تبلغ حاليا 80% وهي ترتفع بالعادة بعد 15 حزيران المقبل، ووفقا لعبود، سيشهد لبنان حركة كبيرة لكن لن تكون مماثلة لتلك التي شهدناها في صيف 2023، إلا إذا نجحت مفاوضات هدنة دائمة ومستدامة في غزة سنشهد ارتفاعا في أعداد القادمين الى لبنان ربما يتخطى أعداد المسافرين من والى لبنان خلال العام المنصرم 2023.
وفي هذا السياق، يقول عبود، أما إذا لم تكلل المفاوضات بين اسرائيل وحماس بالتوصل لاتفاق هدنة، من المهم أن يبقى الستاتيكو الأمني على ما هو عليه، مع استمرار الحرب في غزة وفي جنوب لبنان، لأن توسع الحرب ليشمل أجزاء أوسع من لبنان واستهداف مطار بيروت لا سمح الله، لا يزال يقلق اللبنانيين بغياب الضمانات التي يمكن الركون اليها. وذكّر عبود، بانجازات صيف 2023، من ناحية أعداد الوافدين، إذ شهد قدوم أكثر من 1,5 مليون سائح خلال الصيف، أما بالنسبة لجنسية الوافدين وما ميّز موسم 2023 فهو ارتفاع نسبة السياح من العرب والأوروبيين واللبنانيين القادمين من قارات بعيدة جدا، من البرازيل وأميركا الجنوبية وكندا، بالإضافة الى اللبنانيين العاملين في أفريقيا والخليج، بالإضافة الى سياح من دول البلقان والبلطيق ككرواتيا واستونيا وهنغاريا وبلغاريا آملا أن يصبح الإستقدام السياحي من الأسواق الجديدة بصورة شبه مستدامة.
ويعتقد عبود، أنه بعودة السلام والإستقرار الى لبنان فإن القطاع السياحي سوف يعود مجددا ليكون عاملا مساعدا للإقتصاد الوطني وللإستثمارات في البلد، هذا القطاع لن يموت، مؤكدا ان تطور الأحداث في غزة هو من يحدد أو يرسم الفعاليات السياحية في المنطقة وفي لبنان. وإذ لفت عبود، الى ان النسبة الكبيرة من القادمين الى لبنان هم مغتربون لبنانيون يعملون في الخارج بالإضافة الى السياح العرب من العراق والأردن ومصر، اشار الى أن تعكير العلاقات الخليجية – اللبنانية تسبب بتراجع عدد الوافدين الخليجيين الى لبنان.
وبمعزل عن نسبة الملاءة في الطائرات القادمة الى لبنان، في ظل الحرب المستمرة على قطاع غزة وتصاعد التوتر على الجبهة الشمالية مع لبنان بعد 8 تشرين الأول والقيود المفروضة على السفر من بعض الدول التي نشكل مصادر رئيسية للوافدين الى لبنان يرى فيها عبود، عوامل أدّت الى إلغاء حجوزات من جانب سياح أجانب، بالتالي هناك قلق حقيقي من تراجع عدد السياح الأجانب.
ووفقا لعبود، سجّل القطاع السياحي في الأشهر العشرة من العام 2023 نموا من 30 الى 32% بالفترة نفسها من العام 2022، شكل الأوروبيون نسبة 40% من مجموع السياح الوافدين الى لبنان في هذه الفترة في حين شكل السياح العرب 25%، أما في الفصل الأخير من العام 2023، فانخفض عدد الوافدين بنسبة 24%، بسبب حرب غزة والتصعيد جنوبا، ومع ذلك، كانت حركة الحجوزات خلال فترة الأعياد ناشطة وسجّلت نموا 12% مقارنة بالعام السابق 2022 من الفترة نفسها. ويؤكد عبود، ان الحرب الدائرة في غزة أضرّت بالقطاع السياحي في لبنان ومصر والأردن، مشيرا الى ان هذه الدول الثلاث هي أكثر عرضة للضرر بسبب قربها الجغرافي واحتمال توسع نطاق الصراع عبر حدودها، ما ادّى الى تراجع النمو السياحي حيث توقع أن يكون التأثير الإقتصادي المباشر الناجم عن انخفاض عائدات السياحة سلبيا في لبنان لآنه الأكثر اعتمادا على قطاع السياحة بين الدول الثلاث، غير ان هذا يتوقف الى حدّ كبير على مدة استمرار الصراع.
ويختم عبود، على الرغم من الإستثمارات السياحية الضخمة في بلدان الخليج وغيرها، من جهة، وعلى الرغم من الأزمات الإقتصادية والسياسية في لبنان من جهة أخرى، إلا ان هذا البلد يبقى بطبيعته الساحرة الخلابة كفيلا باستقطاب السياح والمغتربين العرب والأجانب، بالإضافة الى حسن الإستقبال وعادات الضيافة، فالمتوقع إذا انتهت الحرب أن يستعيد لبنان عافيته وتعود الحركة السياحية الى سابق عهدها، اعطونا أمنا واستقرارا وخذوا من القطاع السياحي ما يدهش العالم، مشيرا الى انه الدخل السنوي للبنان من السياحة وصل في العام 2023 الى 7 مليارات دولار أي حوالى 20% من 2023.