شكّل هجوم المقاومة الفلسطينية على جيش الاحتلال الصهيوني يوم 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 لحظة انفجار طوفاني فاصل وغير مسبوق، في مدى تأثيره المزلزل على مجمل ما كانت عليه الأوضاع فلسطينياً وصهيونياً وعربياً وعالمياً.
وأياً ما تكن تقديرات الأوضاع لما بعد طوفان 7 أكتوبر، فإنها لن تخرج من الوسائل والأهداف المرتبطة تاريخياً بتفجير كافة حروب التحرير: النضال والقتال من أجل الحرية والاستقلال. لذلك وجب القول إنّ «طوفان الأقصى» سيكون له ما بعده احتمالات ثلاثة لا رابع لها:
أولاً: احتمال انتصار المقاومة: سيتحقق الانتصار حصرياً بانهيار يقينيات الحلم الصهيوني – الديني المراهن على ابتلاع كامل فلسطين، أي سقوط أساطير بناء دولة خالصة لليهود يؤمنها الردع الذي توفره قوة التفوّق العسكري.. وهو ما سيؤدي حتماً لبداية العد التنازلي لعصر انكسار الاحتلال. وصعود ديناميات موازين قوى إقليمية جديدة تقودها روح المقاومة المنتصرة، نحو أفق التلاشي الوجودي لعناصر قوة الكيان. طبعاً سيحدث ذلك نتيجة سيرورة صراعية عنيفة تغذيها عوامل متعددة أهمها تشكيل مناخ نفسي وفكري عربي وإسلامي عالمي مشحون بمشاعر الكراهية ضد الكيان الصهيوني ومستوطنيه.
ثانياً: احتمال انكسار المقاومة، وسينتج عنه حتماً انهيار يقينيات الحلم التحرري الفلسطيني المقاوم منذ اكثر من 75 سنة، وبداية عهد شتات جديد ونكبة جديدة، حيث تتحوّل مأساة الشعب الفلسطيني الى «شعب هنود حمر جديد»، وهو ما يعني، بداية العد التنازلي لانطلاق دورة جديدة لعصر صهيوني امبريالي غربي اكثر فجوراً وعلوّاً في استضعاف دول وحكومات وشعوب المنطقة والعالم، وتنفيذ مشروع «سايكس بيكو» جديد تحت عنوان «مشروع بايدن ونتانياهو» يقود الى مزيد من تفكيك المفكّك وتجزيء المجزّأ، من خلال الاستفراد بكل الحاضنات الشعبية والرسمية، وإخضاعها لاستكبار قوي عنيف، يتوسّل لتحقيق غاياته باصطناع الحروب الاقليمية، وبدعم الانفصال، وتأجيج الفتن داخل المجتمعات العربية على أسس طائفية وعرقية ومصالحية، وتنفيذ المخططات الامبريالية المتناغمة مع الرؤية الصهيونية الدينية الاميركية لتكريس مزيد من الاستنزاف لثروات المنطقة والتفقير لشعوبها للإبقاء عليها في ذيل مؤشرات التنمية البشرية والسياسية والاقتصادية.
ع. م.