في الشكل امتازت القمة العربية ـ الإسلامية التي عُقدت، أمس، في الرياض بأنها بدت على جدية حقيقية اقتضتها حرب الإبادة العدوانية على لبنان وغزة. ومع أن بعض الكلمات كان من باب رفع العتب، إلاّ أن ثمة متحدّثين تطرّقوا الى الجوهر ووضعوا الاصبع على الجرح. ولكن في المطلق كان واضحاً أن الملوك والرؤساء والأمراء والموفَدين كانوا متهيّبين الموقف، وهذا طبيعي فيما الشهداء ضاق بهم التراب والجرحى ضاقت بهم وعجزت عن معالجتهم المشافي، أما الدمار فيكاد، بشموليته مدناً وأريافاً، أن يكون غير مسبوق في الحروب المعهودة.
باختصار أن الفرق واضح بين القمة العربية ـ الإسلامية التي عقدت في المملكة قبل عام وقمة العام الجاري نظراً الى ما طرأ من تطورات في الميدان وخارجه، بعدما تحولت «حرب الإسناد والمشاغلة» على الجبهة اللبنانية الى حرب ضروس، وبعدما انتُخِب دونالد ترامب رئيساً في الولايات المتحدة الأميركية، مع ما يحمله انتخابه من تبدل ملحوظ في سياسة البيت الأبيض… ولهذا كله تأثير مباشر على القمة.
واللافت في الكلمات (إضافة الى الكلام المعهود من إدانة واستنكار وتنديد) أن رئيس القمة ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان الذي شدد على سيادة واستقلال لبنان قد أعلن: «نرفض الهجوم» على إيران. وهذه نقطة سياسية بارزة ذات أبعاد إقليمية قدْرَ ما هي رسالة حسن جوار وتضامن مع طهران قد يُبنى عليها في المستقبل غير البعيد، أي ربما قبل التوصل الى وقف إطلاق النار. وركّز ابن سلمان على دور السلطة الفلسطينية، وهذه إشارة واضحة الى ما قد يكون لغزة من حلول.
وبين الكلمات اللافتة كان ما تحدث عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي طالب بتنفيذ القرار الدولي 1701 مؤكّداً على دعم مصر للجيش اللبناني، وهذا الكلام يرسم ملامح الحل في لبنان، في مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار.
وأما بالنسبة الى الجانب الإيراني فقد تعهد وفده، الذي كان برئاسة النائب الأول لرئيس الجمهورية، بأن «مسؤوليتنا والواجب الإنساني سيكونان أكثر من الماضي». وهو كلام حمّال أوجه وتحليلات عدة.
على صعيد شخصي «فشّ خلقي» كلام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي وجدتُه مطابقاً لاقتناعنا الذي عبرنا عنه باستمرار في هذه الزاوية، إذ قال: إن عجز الدول الإسلامية عن الرد أوصل الأمور الى حالها (في غزة ولبنان). وطالب بحظر الأسلحة عن إسرائيل، ووقف التعامل معها بما فيه وقف التبادل التجاري، والعمل على عزلها دولياً.