لم يوقف الكيان العبري في فلسطين المحتلة محاولات تهويد فلسطين، بدءاً من المسجد الأقصى ذي الخصوصية الفريدة بين المعالم والرموز الإسلامية كلها، وليس في فلسطين المحتلة وحسب، ولا في دنيا العرب وحدهم، إنما كذلك على امتداد العالم قاطبةً. وليس ثمة سياق آخر يمكن أن يُدرَج فيه إقدام المتعصب القذر إيتمار غفير، وزير الأمن القومي، على اقتحام الأقصى، يوم أمس تزامناً مع صلاة الجمعة. ويأخذ هذا الاقتحام المحمي من ضباط وعناصر الشرطة الصهيونية أهمية خاصة وبعداً استثنائياً، كون المسجد الأقصى يمثل عند المسلمين «أولى القبلتين وثالث الحرمين»، وهذه ليست كلمات في الهواء بالذات عند الشعوب العربية والإسلامية. أمّا عند الحكّام، الذين «يرعون» شؤون النحو مليارين من الرعايا، فالأمر مختلف تماماً، ما يصح فيهم بيتان مأثوران من شعر عمرو بن معدي كرب بن ربيعة
(525 م.-642 م.) وهما :
«لقد أسمعتَ لو ناديتَ حيّاً،
ولكن لا حياةَ لمن تنادي.
ولو نارٌ نفختَ فيها أضاءتْ،
ولكن أنت تنفخُ في الرمادِ»
وأيضاً أغنية السيدة فيروز: «لا تندهي ما في حدا». وهذه من نكبات الزمان التي أصابت شعوب هاتين الأمتين العربية والإسلامية… ولا نقول جديداً إذ نزعم أن النكبة تزداد قسوةً وتتضاعف قهراً، لا سيما في مثل الظرف الحالي تحت وطأة المجازر التي يرتكبها الصهاينة، يومياً، في غزة مع العدوان المتواصل على لبنان طوال نحو تسعة أشهر ونصف الشهر، بينما بلدان الميليارين في غفوة وسبات عميق ليس فيهما من يقظة.
ويتوافق ذلك كله مع دخول الولايات المتحدة الأميركية، هي أيضاً، مع فقدان الوزن على صعيد السياسات الخارجية في انتظار أن يتوقف القطار الرئاسي في مساره الى البيت الأبيض عند واحدٍ من راكبَين اثنين أحدهما يكاد أن ينسى اسمه والثاني يقفز فوق حواجز الحكمة والأخلاق من على صهوة حصان جامح من المطامع التي لا حدّ لها.
وحده السفّاح بنيامين نتانياهو لا يتفرج بقلق ولا يخاف من أي نتائج غير محسوبة من الماراتون الأميركي بين العجوزَين، فمَن يسبق منهما الآخر ويفوز في هذا السباق سيحط بالتأكيد في دائرة النفوذ الصهيوني.