ليس أكثر دلالةً على استنفاد العدو الإسرائيلي اختراع أهداف وهمية، لتبرير الإبادة والتدمير، من أسلوبها في إيجاد ذرائع واهية لعملياتها العدوانية الأخيرة، فهي تحاول تبرير اغتيال مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله محمد عفيف، في رأس النبع، بأنه كان «يوجّه» مقاتلي الحزب! وقصف متجر الهواتف النقّالة بأن صاحبه شقيق أحد قياديي الحزب! فهل ثمة أعذار أقبح من ذنوب أكثر من هذين العذرَين؟!.
في أي حال هذا هو العدو وهذا هو رئيس وزرائه. ومع هذا النمط من الأعداء يبقى الشكّ حقيقياً وضرورياً في الإيجابيات التي يتحدّثون عنها حول احتمال التوصل الى وقف ثابت لإطلاق النار، ويبقى الحذر والحيطة أكثر من ضروريّيْن على قاعدة المثل السائر: «ما تقول فول تَ يصير بالمكيول» الذي يطيب للرئيس نبيه بري أن يستحضره باستمرار، لا سيما أن الذين كواهم حليب تجارب الهدنات المنشودة ووقف إطلاق النار في غزة، وهي تجارب فاشلة على امتداد سنة، من حقهم أن يخافوا اللبن!
ومع ذلك لا بدّ من انتظار الموفد الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتاين الذي سيحمّله الرئيس نبيه بري جواب حزب الله على ورقة وقف القتال الأميركية وفيها قبول واضح وصريح بالقرار 1701 بمندرجاته كلها، ولكن من دون أي زيادة كتلك التي اشترطتها إسرائيل، وهي تنتهك سيادة لبنان، بأن يضاف ملحق يأذن لجيش العدو أن يتدخل ساعة يشاء وأن يتصرف في الأجواء اللبنانية وفق ما يراه مناسباً لمصالحه العدوانية. وهذه الزيادة رفضها الحزب كما كان بري قد رفضها جملة وتفصيلاً.
ولربّـما يقول قائل: وأين الجديد في هذه الزيادة فيما لو أُقِرّت، أوليس أن طيران العدو كان وما يزال يصول ويجول في أجوائنا بآلاف الطلعات والخروقات طوال السنوات الماضية وحتى اليوم؟ ثم أوليس أن الشهيد سماحة السيد حسن نصرالله سبق له أن أقرّ بتفوّق العدو الجوي؟ والجواب إن الفرق كبير جداً. فتصرّف العدو سابقاً، في مرحلة ما قبل الحرب، كان خرقاً مثبّتاً رسمياً، لبنانياً وأممياً، أمّا إذا أُدخِل البند في اتفاق وقف القتال بموافقة لبنانية فيصبح حقّاً شرعياً للعدو، وكأن لبنان ينتقص من سيادته الذاتية بملء إرادته.
في أي حال نبقى نأمل بالتوصل الى قرار بوقف القتال يحفظ سيادة وكرامة الجانب اللبناني، وهذا شأن لا تهاون فيه، وهو فوق كل اعتبار، أو هكذا يجب أن يكون.