تناول «شروق وغروب»، أمس، «الفوعة» التي طرأت على الملف الرئاسي، وأسهب في ذكر عوامل التسريع فيه وكذلك معالم الإبطاء، الى حد الجمود. ذلك أن حراك سفير من هنا، وعودة موفَد دولةٍ بارزة من هناك لاستئناف رحلاته المكوكية من هنالك، وتصريح من سفير يعبر عن النيات الصادقة (الخ…) هذا كله لا يُعتبر حراكاً دينامياً في اتجاه خرق الجمود الرئاسي الطويل الذي خطفت منه الأضواء الحرب الوحشية على غزة. إذاً، متى يمكن اعتبار أن الملف وُضع على نار متوسطة الحماوة كي لا نبدو متفائلين كثيراً، من دون مؤشّر حقيقي، بالنار الحامية؟!.
الديبلوماسي الأوروبي الغربي، الذي يعشق لبنان، يجيب عمّا تقدم من سؤال بالقول: عندما ترون أن وزراء خارجية الهيئة الخماسية، قد اجتمعوا، مع إعلان رسمي مسبق، بأن الغاية من اجتماعهم هي وضع حد للشغور الرئاسي، عندئذ يمكنكم القول إن موعد انتخاب رئيس جمهوريتكم قد اقترب. وما سوى ذلك لن تروا سيداً في قصر بعبدا في المستقبل المنظور، وإني إذ أقول هذا الكلام فأنا لا أقلّل من أهمية دور السفراء الخمسة (السعودي والمصري والقطري والفرنسي والأميركية)، ولكنني وضعتُ هذا الدور في إطاره الصحيح.
وتوجّه لي بالقول: أرجو أن تتذكر أنني قلت لك، وأنت كتبتَ في «الشرق» أن العواصم الخمس غير متوافقة في المسألة الرئاسية. قلتُ هذا الكلام يوم شاع أن أعضاء الخماسية قد توافقوا على مرشّحَين اثنين، وضجت وسائط الإعلام بهذه المعلومة وقد تبين، فعلاً، أن معلوماتي كانت الأكثر دقة. واليوم صحيح أن النية أكيدة وصافية في رغبة الدول الخمس في الإسهام بالتوصل الى انتخاب رئيسٍ للبنان، ولكنهم مختلفون كثيراً على الاسم، وهذا أمر مفهوم، فالدول مثل الأفراد تبحث عن مصالحها قبل أي شيءٍ آخر. والصحيح كذلك أن ما توصل إليه الخمسة هو الاتفاق على استبعاد أسماء ولكنهم لم يتوصلوا، بعد، الى التوافق على اسم يحظى بالإجماع الداخلي، أو الى اسمين قد لا يتحمس لهما الأعضاء الخمسة كلهم، ولكنّ أياً منهم لا يعارضهما.
وهل يبقى لبنان قيد الفراغ الرئاسي ورهن توافق الخماسية الذي قد لا يحصل؟ وكان جوابه: أبداً، على الإطلاق. أضف أن هناك أطرافاً، من غير الخماسية، لها كلمة فاعلة، إيران على سبيل المثال لا الحصر. وختم: ولكي يكسر اللبنانيون هذا الجدار الصفيق ليس أمامهم سوى أن ينتجوا رئيسهم بأنفسهم، فهل ترى يا صديقي أنهم قادرون أو على الأقل، راغبون؟ ولم أجبه على ما يعرفه من جواب.