شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – الانتظار الثقيل

يَعُدّ اللبنانيون الزمنَ بالثواني في هذه الأيام العصيبة. إنه زمن الانتظار الثقيل جدّاً. ينام اللبنانيون، إذا ناموا، على وقع التهديدات العدوة بما فيها من العنجهية البشعة والتلويح بأقسى الضربات وأكثرها شدّة وقساوة. السفاح بنيامين نتانياهو يجزم بأن ما يزعم أنه الردّ على انفجار الصاروخ في الجولان سيكون غير مسبوق. تتوالى أبواق الشؤم على التهديد بإعادة لبنان الى العصر الحجري قتلاً ودماراً. من رئيس أركان جيش العدو الى كبار ضباطه فأعضاء عصابة حكومة الحرب الصهيونية الذين يجمعون على أن الضربة التي سيوجهونها الى حزب الله ولبنان قد بدأ العد العكسي لها. إنهم يُجمعون على ذلك بالرغم ممّا بينهم من تناقضات وخلافات وإشكالات…

فعلاً قد تضرب إسرائيل، واعتداءاتها ليست بالشيء الجديد، ولكن التحسب الى هكذا عدوان محتمل بترجيحٍ كبيرٍ، لا يعني أنه يجب علينا ألّا نقلق، وألّا نتخذ إجراءات الوقاية للحد من مفاعيل العدوان إذا حصل ثمّ، لاحقاً، لنتمكن من احتوائه. الى ذلك يجب القول ان أضراراً كثيرة قد أصابت لبنان جرّاء ما حدث في الجولان. على سبيل المثال أعرف أن صديقاً أقام يومَي الخميس والسبت الماضيين احتفالَين كبيرين لمناسبة زواج ابنه من آنسة إسبانية. كانت الفكرة أن تُجرى المراسم والحفلات خارج لبنان، إلّا أن الصديق وأفراد أسرته قرّروا أن تكون الاحتفالات كلها في لبنان في هذا الصيف. ولمّا كان التخطيط لحفلات ستكلّف أموالاً ضخمة فقد قال الصديق إنه يؤثر، من دون أدنى شكّ، أن تنفق هذه الأموال في القطاع السياحي اللبناني بدلاً من أن يستفيد منها الخارج. وعليه دعا مجموعة من أصدقائه اللبنانيين والأجانب وأهل وذوي العروس الى لبنان وحجز لهم في أربعة عشر فندقاً (من المصنّفة خمس نجوم) تمتدّ رقعة تواجدها ما بين بيروت وبرمانا، وقد توافقت سهرة ما قبل الزفاف في اليوم التالي للحدث الجلَل في الجولان، وقد أخبرني الصديق أن نحواً من مئة وخمسين مدعوّاً قد اتصلوا به وأبلغوا إليه أنهم ألغوا المجيء الى لبنان جراء تداعيات الحدث في الجولان والتهديدات الإسرائيلية، وبالتالي أُلغيت حجوزات الفنادق ومعها حجوزات السيارات التي كان الصديق قد أعدّها لتقل المدعوين الأجانب من أمام الفنادق في بيروت وبرمانا الى قريته الجميلة في المتن الجنوبي الأعلى، ثم إعادتهم إليها. هذا مثال (كبير وبارز من دون أدنى شك) عن التداعيات السلبية للتهديدات، أضف أن قسماً لا بأس به من اللبنانيين الذين جاءوا من بلدان الخليج وحتى من بعض مناطق أوروبا، وكذلك من المغتربين الذين قدموا لتمضية الصيف في ربوع مدنهم وبلداتهم وقراهم، قد قفلوا راجعين أو هم قدّموا مواعيد الرجوع الى المغترَبات!

وأما اللبنانيون المقيمون على جمر الانتظار الثقيل جداً، فأمرهم لله.

khalilelkhoury@elshark.com

التعليقات (0)
إضافة تعليق