صدف أن التقى، أمس، في واجب اجتماعي، ديبلوماسيان أحدهما عربي والثاني أوروبي شرقي، جمعتهما وأحد الصحافيين خلوة اقتضتها المناسبة من دون أي تدبير مسبَق. واستأثر الوضع اللبناني بالحديث من جانبَيه: ما يتعلق بالتطورات الحربية المتصاعدة في الجنوب من جهة، والاستحقاق الرئاسي من جهة ثانية. هنا ملخص سريع لما دار في حوارهما الذي لم يتجاوز الربع ساعة:
أولاً – التقى الرجلان على أن أول زيارة يقوم بها وزير الخارجية الإيراني الجديد (بالإنابة) علي خاقاني الى بيروت لا تفاجئهما، إلا أنه لا يجوز اعتبارها حدثاً عادياً، إذ هي ذات مدلولات لافتة توافَق الرجلان على أن مغزاها الأول والأهم أن طهران أرادت أن توجه رسالة الى حزب الله بأنه سيبقى مدار اهتمامها الكبير أيّاً كانت، أو ستكون، التطورات في إيران، بما فيها نتائج انتخابات الرئاسة في الجمهورية الإسلامية.
ثانياً – إلا أن الديبلوماسيَّين اختلفا على الهدف من الزيارة حول التطورات في حرب الجنوب.
فالديبلوماسي العربي يقول إن لديه من المعلومات ما يؤكّد على أن الإيراني قطع شوطاً بعيداٌ مع الأميركي في الخطوات التي تتسارع نحو اتفاقٍ منتظَر بين واشنطن وطهران، وإنه بقدْر ما يبدو الرئيس الأميركي تجو بايدن مستعجلاً التوصل الى حلّ مع إيران على الأمور الخلافية العالقة بينهما تحت ضغط السباق الى البيت الأبيض بينه ومنافسه دونالد ترامب، فإن القيادة الإيرانية هي اكثر استعجالاً لأنها في حاجة ماسة الى إزالة قسم كبير من العقوبات المفروضة عليها، وهي تدرك أن ترامب، إذا فاز، سيكون ثقيل الوطأة عليها، وهو الذي أسقط، بعد انتخابه رئيساً، الاتفاقَ الذي كان قد عقده مع الحكم الإيراني سلفُه باراك أوباما. وبالتالي فإن خاقاني جاء حاملاً نصيحة الى قيادة حزب الله بالتعامل «بروية وهدوء وتبصر» في الصراع العسكري الدائر في الجنوب، أقلّه ما دامت المفاوضات مستمرة.
ثالثاً – أما الديبلوماسي الأوروبي الشرقي فكان مخالفاً رأي نظيره الديبلوماسي العربي لجهة مضمون النصيحة التي حملها علي خاقاني الى قيادة الحزب، بالرغم من أنه وافقه على الكثير من الحيثيات والجزئيات التي تضمنها كلامه. وكان في تقديره أن الرسالة التي حملها وزير الخارجية بالإنابة تضمّنت نصيحةً الى الحزب بالتشدد في الجنوب، لأنه يعزّز الورقة الإيرانية في التفاوض مع الأميركي بالقدر ذاته الذي يعزز التصعيدُ الإسرائيلي في شمال فلسطين المحتلة الورقةَ الأميركية مع الإيراني(…).
رابعاً – أما بالنسبة الى الاستحقاق الرئاسي اللبناني فقد أجمع الاثنان على أن المبادرات كلها، أكانت فرنسيةً أو محضَ داخليةٍ، فهي ليست أكثر من الحراك في الوقت الضائع، ولن يتبيّن الخيط الرئاسي الأبيض من الخيط الأسود إلّا بعد معرفة المرفأ الذي سترسو فيه المفاوضات الجارية مباشرة أو بالواسطة بين واشنطن وباريس، وسيكون من بين نتائجها، إذا جاءت بنتيجة إيجابية، سعيد الحظ الذي سيحط رحاله في قصر بعبدا.
khalilelkhoury@elshark.com