كتب عوني الكعكي:
يبدو أن وزير خارجية الجمهورية الإسلامية في إيران، يظن نفسه أذكى من كل الناس… ويعتمد بذلك على أن الناس ينسون ما يمرّ بهم من أحداث وما قيل من تصريحات.
ففي حديثه لإحدى الصحف، قال إنّ العمق الاستراتيجي لكل دولة، يعتمد على موقعها الجغرافي من النواحي الطبيعية والبشرية والسياسية. طالما لم تتغيّر الحدود… أو يتم تهجير السكان أو تتبدّل المعطيات السياسية… فإننا لا نتوقع تغيراً في موقعنا… فإيران كانت ولا تزال شريكاً موثوقاً لجيرانها من دون أن تكون لها أطماع في أراضيها، بل تعمل على تسهيل التبادل التجاري.
وهنا، علينا أن نركز على موضوع التبادل التجاري لنسأل معالي الوزير:
السؤال الأول: هل يتذكر قول المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران حين قال: “نحن سيطرنا على أربع عواصم عربية، هي بغداد ودمشق ولبنان وغزة”؟
السؤال الثاني: ما هي العلاقات التجارية بين العواصم الأربعة التي ذكرها الوزير؟.. وهل الصواريخ والمتفجرات والدعم العسكري والمالي الى العواصم الأربعة هو تبادل تجاري؟
السؤال الثالث: صرّح نائب قائد الحرس الثوري بأنّ على إسرائيل أن تنتظر ردّنا في الزمان والمكان… هذا شيء جميل.. ولكن هذا الكلام عمره سنتان ونحن نسمع التهديدات.. وأهم ردّ كان منذ أشهر عندما هددت إيران بإرسال 300 صاروخ الى إسرائيل وحددت ساعة انطلاق الصواريخ، كما حددت أيضاً أين ستصل الصواريخ، ليتبيّـن أن هذه الصواريخ هي من صناعة «قيصر عامر» المحل المشهور في بيروت ببيع المفرقعات وألعاب الأطفال.
والمصيبة الأكبر أن هذه الصواريخ لم تجرح حتى «قطة» واحدة.
وما يثير الدهشة ما أضافه نائب القائد العام لقوات الحرس الثوري الايراني العميد علي فدوي في حديثه، الى انه إذا ارتكبت إسرائيل خطأ ما، فسوف تعرّض وجودها الى الزوال. وإذا أخطأ كيان الاحتلال، فسنستهدف كافة مصادر الطاقة والمحطات وجميع المصافي والحقول الغازية لديه.
ولفت فدوي الى ان إيران بلد كبير وواسع وفيه الكثير من المراكز الاقتصادية، في حين ان «إسرائيل» لديها 3 محطات للطاقة، وعدة مصافي، وبإمكاننا ضربها سويّة في آن واحد.
أضاف نائب القائد العام لقوات الحرس الثوري الإيراني، إنه لا يستطيع الإفصاح عن تفاصيل الرد…
إلى ذلك، توعد العميد فدوي بتنفيذ عملية “الوعد الصادق 3″، ذاكراً أنها ستنفذ حتماً في الزمان والمكان المناسبين، وفق ما أوردت شبكة “سي إن إن” الأميركية.
وقال إنّ إيران ستهاجم إسرائيل «بالتأكيد» رداً على الضربات التي وجهت لأهداف عسكرية إيرانية.
وسبق وهدّد العميد علي فدوي بـ «الوعد الصادق» الذي «لا يمكن مناقشة تفاصيله لكنه سينفذ حتماً…» والوعد الصادق هو الاسم الذي أطلقته إيران على العملية التي تتضمن شن ضربات على إسرائيل.
وقال قائد قوات “الحرس الثوري” الإيراني حسين سلامي في حديث له أيضاً: إنّ سوريا تمثل «درساً مريراً لإيران» و «ليست مكاناً للتدخل الأجنبي»، متوعداً إسرائيل بـ «دفع ثمن باهظ»، وذلك في ثالث خطاب له منذ سقوط بشار الأسد وانسحاب قواته من سوريا.
ودعا سلامي الى استخلاص العبر مما حدث في سوريا؛ في إشارة الى الإطاحة بنظام الأسد على يد قوى المعارضة، وكذلك القصف الإسرائيلي الذي تعرضت له سوريا، وقال: «سوريا درس مرير لنا، ويجب أن نأخذ العبرة».
وكانت إيران قد أنفقت مليارات الدولارات لدعم بشار الأسد خلال الحرب، ونشرت قوات «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.
ودافع سلامي مرة أخرى، عن تدخل قواته في سوريا، ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن سلامي قوله، في هذا الصدد، «رأى الجميع أنه عندما كنا هناك، كان الشعب السوري يعيش بكرامة، لأننا كنا نسعى لرفع عزتهم».
السؤال الرابع: لو عدنا الى العمليات التي قامت بها إسرائيل باعتدائها على طهران وتحديداً على المفاعل النووي الإيراني… فكم مرة عطلته، وكم عالم من العلماء اغتالت في قلب طهران؟.. فماذا كان الردّ الإيراني؟ كما هي العادة «نحن نختار ونحدد المكان وزمان الردّ».
السؤال الخامس: قامت إسرائيل باغتيال الزعيم الفلسطيني إسماعيل هنية في أحد أماكن أو قصور الحرس الثوري في قلب طهران… وهنا نسأل: ماذا كان الردّ الإيراني؟ طبعاً «سنرد في المكان والزمان الذي نحدّده».
إزاء كل ما تقدّم نتساءل: ما جدوى هذه العنتريات التي لم تسفر عن شيء… إنها كلام بكلام، كلام معسول، لكنه لا يسمن ولا يغني من جوع.
فقد عانت غزة الحرمان والقهر وحرب إبادة لا ترحم… وعانى حزب الله والشعب اللبناني الويل والثبور وعظائم الأمور… وفرّ بشار خائر القوى يرتعد من الخوف بعد وعد إيران له بالمؤازرة… لكن حبل الكذب قصير… وها قد ذاب الثلج وبان المرج… فهل من يقرأ الأحداث جيداً… وهل من يخبرنا متى يحين الزمان ويحدّد المكان؟