الدكتور أسامه محيو
اختلف العلماء في تحديد يوم ولادة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، لكن أكثرهم يُعتَقد أنه وُلد في مكة يوم الإثنين في 12 من شهر ربيع الأول من عام الفيل قبل ثلاث وخمسين سنة من الهجرة، أي أنه ولد سنة 570 ميلادية.
وُلِدَ الرسول يتيماً، وبعدما ولدته أمه آمنة بنت وهب، أرسلته إلى جده عبد المطلب ففرح فرحًا شديدًا وأخذه ودخل به الكعبة وسماه محمّدًا وقد فرح أعمامه أيضًا بميلاده صلى الله عليه وسلم، حتى إن أبا لهب أعتق الجارية التي بشّرته بولادته، وهي ثويبة المرضعة الأولى للنبي صلى الله عليه السلام.
وكان من عادة العرب أن يُرسلوا أطفالهم الصغار إلى قبائل البادية ليتلقوا أولى خطواتهم في الصحراء. فأرسلته أمه آمنة بنت وهب إلى الصحراء مع مرضعته حليمة السعدية. وكبر النبي واشتد عوده بعد عامين وعاد إلى أمه لكن بسبب انتشار الأمراض في مكة عاد مرة أخرى إلى البادية مع حليمة.
كان يخلو بنفسه في غار حِراء تاركًا كل من حوله، وكان يتفكر في خلق الله وإبداعه في الكون، حتى جاء أمر الله تعالى بأن ينزل جبريل بالوحي عليه ليكون نبيًا مرسلًا للناس أجميعن.
يحتفل المسلمون في يوم مولد النبي محمد بن عبد الله لما تشكله المناسبة فرحة بولادة خاتم الأنبياء رسول الله محمد بن عبد الله. وفي بعض الدول الإسلامية تبدأ الاحتفالات من بداية شهر ربيع الأول إلى نهايته، بإقامة مجالس قراءة ما تيسر من القرآن الكريم، وتلاوة سيرة الرسول وشمائله، وإنشاد قصائد مدحه، ورواية الأخبار الواردة في أمر النبي وما وقع في مولده من الآيات، وتوزيع الحلوى والصدقات.
وتعود بداية الاهتمام بيوم مولد رسول الله إلى النبي محمد نفسه حين كان يصوم يوم الاثنين ويقول «هذا يوم وُلدت فيه».
وقال السخاوي عن المولد النبوي: « لم يفعله أحد من السلف في القرون الثلاثة، وإنما حدث بعدُ، ثم لا زال أهل الإسلام من سائر الأقطار والمدن يعملون المولد ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم».
كما قال ابن عابدين عن المناسبة: «أعلم أن من البدع المحمودة عمل المولد الشريف من الشهر الذي ولد فيه صلى الله عليه وآله وسلم». وأضاف: « فالاجتماع لسماع قصة صاحب المعجزات عليه أفضل الصلوات وأكمل التحيات من أعظم القربات لما يشتمل عليه من المعجزات وكثرة الصلوات».
ومن العلماء المتأخرين حسنين محمد مخلوف شيخ الأزهر، حيث قال: « إن إحياء ليلة المولد الشريف وليالي هذا الشهر الكريم الذي أشرق فيه النور المحمدي إنما يكون بذكر الله وشكره لما أنعم به على هذه الأمة من ظهور خير الخلق إلى عالم الوجود، ولا يكون ذلك إلا في أدب وخشوع وبعد عن المحرمات والبدع والمنكرات. ومن مظاهر الشكر على حبه مواساة المحتاجين بما يخفف ضائقتهم، وصلة الأرحام، والإحياء بهذه الطريقة وإن لم يكن مأثوراً في عهده صلى الله عليه وآله وسلم ولا في عهد السلف الصالح إلا أنه لا بأس به وسنة حسنة».
وقال رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الشيخ يوسف القرضاوي عن ذكرى المولد: « إنما الذي ننكره في هذه الأشياء الاحتفالات التي تخالطها المنكرات، وتخالطها مخالفات شرعية وأشياء ما أنزل الله بها من سلطان… ولكن إذا انتهزنا هذه الفرصة للتذكير بسيرة رسول الله، وبشخصية هذا النبي العظيم، وبرسالته العامة الخالدة التي جعلها الله رحمة للعالمين، فأي بدعة في هذا وأية ضلالة؟».
لقد بُعِثَ الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ليكمّل للناس مكارم الأخلاق، وقد كان أعظم الناس أخلاقًا وأكملهم، ومن صفاته، صدقه في أعماله وأقواله، حتى لُقِّبَ بالصادق الأمين، وعُرِفَ أيضًا بحِلمه وبسماحته وعفوه وكرمه وجوده وتواضعه، كما اشتُهِرَ باحترامه للكبير وعطفه على الصغير.
الدكتور أسامه محيو