حديث الاثنين – بقلم وليد الحسيني – لماذا أنا خائن؟

أنا خائن.

لأني أنظر ولا أنتظر.

أنظر إلى مليون لبناني يغطون الأرصفة بأجسادهم…ولا أنتظر النصر، وقد فقدت الصبر على انتظار الانتصار.

أنا خائن.

لأن سريري يتسع لأطفال عدة، يرتعشون برداً، وأنا أتمدد في دفئه وحيداً.

أنا خائن.

لأني أحث الدول العربية على التورط في حربي الطوفان والإسناد، دون أن أعترف بما في استنكارها من بطولات ومن شجاعات لا تقهر.

أنا خائن.

لأني كتبت ورسمت، على أوراق النعي، الطريق إلى القدس، لكنها بقيت طريقاً مهجورة، لم يسلكها لبناني ولا سوري ولا عراقي ولا حوثي ولا إيراني… فما توضأوا في مسجدها الأقصى، إلا أنهم تيمموا بعيداً عن مدينة الصلاة… ولم يبطل تيممهم حضور مياهها بطوفان أقصاها.

أنا خائن.

لأني لم ألبِ تعليمات الإمام خامنئي للبنان باستمرار القتال والمساندة متنبئاً بإزالة إسرائيل.

لم ألبِ… خوفاً من أن يفوز لبنان في سباق الإزالة… خصوصاً وأنه المتسابق الوحيد.

أنا خائن.

لأني عندما سمعت وزير خارجية إيران عباس عرقجي، مصرحاً من بيروت، أنه جاء ليعلن دعم إيران للشيعة، وأردف مستدركاً، وكل لبنان… اعتبرت استدراكه زلة لسان… وتخصيص دعمه زلة قلب.

أنا خائن.

لأني أرى بيوتنا في الجنوب مدمرة…ومازلت أسمع متباهياً ومنتشياً أغنية «الله معك يا بيت صامد في الجنوب».

أنا خائن.

لأني لم أخفِ قلقي من شَرطية «إن» الشرطية، في قوله تعالى» و»إن» ينصركم الله فلا غالب لكم.

أنا خائن.

لأني عندما أستيقظ على صراخ «مسحراتي الغارات»، لا أنهض هاتفاً «هيهات منا الذلة».

أنا خائن.

لأني أستنكر إستراتيجية تراكم نقاط النصر، التي سرعان ما يتراكم فوقها غبار النسيان.

أنا خائن.

لأني أخذت على «طوفان الأقصى» نفسه القصير، فرجع وتراجع، قبل أن يفيض بطوفانه ليجرف أوساخ التاريخ الصهيوني من أرض فلسطين.

أنا خائن.

لأني أدين الحروب الناقصة… ولا أرى في الصمود إلا منح إسرائيل العمر المديد، وبالتالي، جعل هتافنا «الموت لإسرائيل» هتافاً لا يموت إلى أبد الآبدين.

أنا خائن.

لأني ضد انتصار المقابر والركام.

أنا خائن.

فليكن… فما معنى الوطنية بلا وطن.

وليد الحسيني

التعليقات (0)
إضافة تعليق