نحن الملائكة!.
لا نقتل!.
لا نسرق!.
لا نخطف!.
لا نلوث نبعاً، ولا نهراً ولا بحراً!.
لا نزرع المخدرات… ولا نصنّعها… ولا نهربها!.
لا نغتصب طفلاً ولا قاصرة ولا بالغة الثمانين!.
لم ننصب على ساذج!.
ولم نأكل يوماً المال الحرام.
نحن الشعب المثالي في الوطن الأمثل!.
كنّا كل هذا وأكثر… إلى أن اجتاحنا «الطوفان السوري»!.
بهم حلّت الكوارث… وتبدّلت الأحوال.
بهم عمّت الجريمة!.
بهم تلوث الهواء والماء!.
بمجاري مياههم، تحول نهرالليطاني إلى مصدر للسرطانيات، تتغلغل مياهه الملوثة في حقولنا ومراعي أبقارنا وأغنامنا!.
وانطلاقاً من ثقتنا بتحريات «شرلوك هولمز» الوزير عصام شرف الدين، تأكدنا من أن عشرين ألف مسلح سوري، يتوارون في مخيمات اللجوء استعداداً للفتنة الكبرى.
وبذلك، ولكل ذلك، توجب على اللبناني، الاستجابة الفورية للتحريض ضد اللاجئ السوري. خصوصاً وأن أشده دعوة إلى الغضب والكراهية، ما صدر من «قرارات العيب» عن وزير الداخلية!.
أما كان أجدر وأجدى بمعالي إبن «طرابلس الشام»، وهي التسمية القديمة، لتمييزها عن «طرابلس الغرب»، أن يكون أكثر احتراماً للاجئي سوريا، تماشياً مع نسب مدينته وعروبتها؟.
أما كان الأجدر والأجدى أن يتدرب معاليه على يد زميله، وزير داخلية الأردن، على كيفية التعامل مع اللجوء السوري، بشكل يحفظ أمن الأردن وكرامة السوري؟.
وأستغرب كيف لمجتمع يعترض على الحرب ضد الإسرائيلي… أن يندفع متحمساً إلى حرب ضد اللاجئ السوري، الذي هرب خوفاً من حروب شنت ضده في سوريا، شنّها مغتصبون جاؤوا من دول شتى؟.
وأستغرب، ونحن الدولة المفلسة، أن يطالب وزير مهجريها بنقل اللاجئين في سفن سياحية آمنة، ومن ثم رميهم على شواطئ بحار أوروبا وأوستراليا وكندا؟.
ويرتفع مستوى الاستغراب، ونحن ما زلنا نحاول جاهدين إصلاح علاقتنا العربية، التي خربها جبران باسيل، بأن ندعو إلى فتح البحار، لتغرق بأعماقه علاقاتنا الدولية، التي كنا نتباهى بها على كل الدول؟.
هل يحتمل لبنان عزلة عالمية بهذا الحجم؟.
وفي بلد محقون بالمذهبية، من يضمن قدرة سمير جعجع، بعد أن منح العباءة السعودية، على تمثيل السنة، وأن يمنع بيئتها من التحول إلى حاضنة لسنة اللجوء السوري؟.
ومن يستطع أن يؤكد التزام ترامب، الآتي قريباً إلى البيت الأبيض، بتسويات بايدن مع إيران؟.
أليس العكس هو المؤكد والمحتم؟.
ولنفترض أن التسويات قد حصلت، وهي لن تحصل، فما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، سيدخل لبنان في جهنم أوسع من جهنم عون… وأشد اشتعالاً وانتشاراً.
منطق الغد، وتجارب الأمس، يؤكدان أن اللاجئ السوري باق… ولا تسوية ولا استقرار، إلا عندما تعود سوريا لكل السوريين فقط… ويعود لبنان لكل اللبنانيين دون غيرهم.
من دون هاتين العودتين فإن الأمل مفقود… والتشاؤم موجود.
وليد الحسيني