كتب عوني الكعكي:
صرّح المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، آية الله علي خامنئي ان عدد الصواريخ وإصابتها للأهداف في الهجوم الذي شنته الجمهورية الاسلامية ضد إسرائيل محل تركيز الأعداء، واصفاً المسألة بالقضية “الثانوية والفرعية”.
وفي كلمته التي وجهها الى قادة القوات المسلحة قال: “إنّ القضية الأساسية إثبات قوة إرادة الشعب الايراني والقوات المسلحة على الساحة الدولية، وهذا هو سبب انزعاج الطرف الآخر”.
من ناحية ثانية، أوصى خامنئي بمواصلة القتال والتحرّك لمواجهة الاعداء وأعمالهم العدائية، بالاعتماد على الابتكار والتكنولوجيا.
هذه العملية التي قامت بها إيران، هي رد على عملية إسرائيلية أدّت الى تدمير القنصلية الايرانية في دمشق واغتيال أكبر ضابط في الحرس الثوري ومعه 7 ضباط من كبار المسؤولين في الحرس الثوري في لبنان وسوريا والعراق، والقائد محمد رضا زاهدي هو الذي شارك في التخطيط لعملية أبطال “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023… والأنكى في العملية الاسرائيلية ان إسرائيل انتظرت خروج السفير الايراني في دمشق لتقوم بالعملية.. وهذا يدل على الاختراق أو الاتفاق الذي حصلت عليه الدولة الاسرائيلية، بالاضافة الى العملية التي نفذتها باغتيال العاروري في الضاحية الجنوبية أي في قلب عرين “الحزب العظيم”.
أما العجيب الغريب فهو تعاطف المرشد الأعلى والحرص على دولة إسرائيل. إذ يقول إنّ إيران قللت من العملية التي قامت بها إسرائيل عبر هجوم بثلاث طائرات مسيّرة صغيرة الحجم أغارت على أصفهان، بينما تقول بعض وسائل الاعلام الاسرائيلي إنّ صاروخاً أطلقته مقاتلة إسرائيلية أصاب منظومة الرادار “اس 300” في القاعدة القتالية الثامنة في سلاح الجو الايراني المكلفة حماية منشأة “نطنز” النووية في وسط إيران. وقللت طهران من أهمية الأمر، وقالت إنها لا تعتزم الانتقام، وهو رد محسوب فيما يبدو لتجنب نشوب حرب على مستوى المنطقة.
ولا بد من التوقف هنا عند هذا التصريح الخطير… فهناك عدّة ملاحظات لا بد من التوقف عندها وهي:
أولاً: الجميع يعرف ان “نظام الملالي” الذي يحكم إيران اليوم هو نظام من صناعة أميركا، خصوصاً ان التاريخ يثبت ما نقول حول كيف قرر وزير خارجية أميركا عام 1973 هنري كيسنجر أن يأتي بنظام إسلامي متشدّد، كي تقوم حرب بين المسلمين، أي بين الاسلام السنّي، والاسلام الشيعي، خصوصاً ان شاه إيران رفض أن يقوم بحرب ضد العراق وبما ان كيسنجر كان خائفاً بعد الانتصارات التي حققتها الجيوش العربية في حرب “أكتوبر” المجيدة، على صعيد الجيش المصري الذي اجتاز أهم حاجز مائي في العالم ودمّر “خط بارليف”، والجيش السوري الذي دخل الجولان ووصل الى نهر الأردن، اما الجيش العراقي فيسجّل له انه أنقذ مدينة دمشق من السقوط بيد الجيش الاسرائيلي، بعد تدخل أميركي من خلال جسر جوّي لتزويد إسرائيل بالاسلحة من طائرات ودبابات وقذائف متطوّرة جداً. فكان مخطط كيسنجر، القضاء على الجيشين العراقي والسوري بعد إزاحة الجيش المصري.
ثانياً: مسرحية إقفال السفارة الاسرائيلية في طهران وفتح سفارة فلسطينية مكانها لأوّل مرّة في التاريخ. وهذه لا شك دغدغت الشعور العربي.
ثالثاً: الشيطان الأكبر أميركا والشيطان الأصغر إسرائيل: شعاران لهما ردود فعل ايجابية، لإثارة عواطف الشعب العربي.
رابعاً: اعتراف بدولة فلسطينية وإنشاء “فيلق القدس” الذي ترأسه أكبر ضابط في الحرس الثوري هو اللواء قاسم سليماني.
خامساً: محاصرة السفارة الأميركية في طهران لمدّة 444 يوماً حتى جاء انتخاب رونالد ريغان الذي هدّد بمحو إيران من الوجود، ففك الحصار خلال لحظات من دون أن يعلم أحد كيف.
سادساً: أكبر تمثيلية فضحت العلاقات المميّزة الاميركية والاسرائيلية والايرانية، هي إرسال إيران 300 طائرة مسيّرة و300 صاروخ لم يصل منها إلاّ صاروخ واحد الى النقب فأصاب طفلة صغيرة في الصحراء.
أكتفي بالقول، إنّه كان أجدى بمرشد الثورة الايرانية أن يسكت ويكتفي بفضيحة 300 طائرة مسيّرة و300 صاروخ في أسخف فيلم هندي فاشل.