هل نستغني عنه، او يمكننا ان نجد بديلاً منه؟
أو أن الشوكولا يبقى جزءًا أساس لا يمكن العيش من دونه؟ لدرجة لا يمكن لأي نوع من أنواع الحلويات أوالسكاكر أن يحلّ مكانه؟
يعتبرالانسان من كافة الأعمار والجنسيّات حول العالم مولع بالشوكولا، وهناك مقولة فرنسية يتفق عليها معظم سكان الكرة الأرضيّة تقول: ” إن قال أحدهم أنه لا يحب الشوكولا، فهو حتماً يضلل الحقيقة (يكذب)”،
صحيح، أحياناً كثيرة وبعد عناء يوم كامل من العمل والتعب والإرهاق، نجد الراحة يمكافأة أنفسنا في قطعة من الشوكولا،
ولو جاء سؤال الناس عمّا يعنيه لهم الشوكولا،. لتشابهت الإجابات إلى حدٍّ كبير، من المرّات الكثيرة يأتي الجواب على شكل مفاجأة، بحيث يعتبر البعض أن الشوكولا عالم خاص في حدّ ذاته. ويقول الكثيرون أننا نصعد عند تذوق الشوكولا، الى غيمة بعيدة عن كل ما يدور حولنا من مشاكل. وما يجمع عليه الأغلبية، أن للشوكولا مفعول إيجابي يجعل الحياة أقل صعوبة ولو لفترة قصيرة.
لا شك أن الشوكولا، هو الحلوى الأكثر شعبيّة، وإذا أردنا أن نعرف مدى شعبيته، علينا أن نسأل عنه الأطفال، وغالباً ما يكون خيارهم المفضّل، يتكلمون عليه بكل براءة وصدق علماً أن الأطقال لا يكذبون، وبخاصةٍ فيما يتعلق بقضية الطعام.
منذ القدم الى اليوم، يبقى الشوكولا أساس في جميع المناسبات، لا سيما السعيدة منها، وقد طالته لمسة الموضة وتداخل الفن والذوق في صناعته، في ايتكار نكهات جديدة وحشوة داخلية عديدة مختلفة، ترضي جميع الأذواق، وقد طال التفنن أشكال الشوكولا ومذاقه وطريقة تزيينه، وكيفية مزجه بمكونات أخرى تزيد من روعة الطعم.
يواسي الشوكولا كلّ من يتذوقه، ويشفي بعض الجراح العميقة، وتتلألأ قطعه التي قد تصبح نادرة في أبهى الغلافات التي تتلون بحسب المناسبات، ليصبح رفيق حياتنا، الذي لا يمكننا الاستغناء عنه.
ربما الشوكولا، يكون من الأشياء النادرة والوحيدة، التي تجمع بين حاستي التذوق والبصر والحب في تناوله يتوافق عليها الجميع من دون منازع او أيّ اعتراض، لتصبح كل قطعة من الشوكولا، بمثابة جوهرة عزيزة بحدّ ذاتها.
ولكن ما نتجه صوبه من ارتفاع في الأسعار، قد يحوّل الشوكولا بالفعل، إلى قطعة نادرة باهظة الثمن؟
عرف الشوكولا في البداية في القارّة الأميركيّة الجنوبيّة حيث تنتشر أشجار الكاكاو، وذلك على شكل مشروب.
ولكن سنة 1828، أحدث عالم الكيمياء الهولندي كونراد يوهانيس فان هوتن، ثورة حقيقية في مجال صناعة الشوكولا، عقب نجاحه في اختراع آلة ضغط الكاكاو، التي ساهمت في استخراج زبدة الكاكاو من حبّات الكاكاو المحمصّة، مخلّفة مسحوقاً رقيقاً، تضاف إليه بعض المكّونات الأخرى لتصنع منها الشوكولا.
وبالتالي، مع مرور الوقت لم يعد الشوكولا الخام منتجاً، ترتبط جودته بالبلاد الأوروبية، بل أنتجته سورية، لتكون من أوائل البلاد العربية، التي تصنع الشوكولا محلياّ، بمواصفات عاليّة الجودة، حيث انطلقت من سوق البزورية الدمشقي الشهير، إلى الوطن العربي.
أما لبنان فعرف الشوكولا في العام 1895، حيث قام محمود غندور، بفتح متجر للحلويات في بيروت، فكان أول من باع الشوكولا الصلبّة المستوردة من أوروبا.
تتعدد فوائد الشوكولا، للصحة البدنيّة والنفسيّة، فهي تعزز صحة القلب وتقوّي المناعة، بالإضافة إلى تحسين المزاج وتعزيز المهارات المعرفية، إلا أن الإفراط في تناولها قد يؤدي إلى مشاكل صحيّة، على غرار أي نوع آخر من المأكولات،
لذا ينصح بالاعتدال في تناول الشوكولا، ويفضل اختيار الأنواع الداكنة Choclate Dark
قليلة السعرات الحرارية، والمضادة للأكسدة.
أشهر البلدان في إنتاج الشوكولا، بلجيكا، سويسرا وألمانيا، بحيث يكثر في تلك البلدان وجود محلّات تبيع الشوكولا، وتقوم بطرح منتجاتها المعدّة يدويّاً للبيع، وقد تمزج كتلة الكاكاو مع المواد العطريّة والمنكّهات بوصفات خاصّة.
مع العودة إلى ارتفاع أسعار الشوكولا عالمياً، أبرز ماهيّة هذه الأسباب، أن الشوكولا يرتبط بتغيّر المناخ، ممّا يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الكاكاو، حيث تنمو أشجار الكاكاو بالقرب من خط الإستواء، وتكون حساسّة للتغيّرات المناخيّة، وتقلب موجات الحر والأمطار الغزيرة، التي تؤثر على المحاصيل في غرب أفريقيا، وهي التي تنتج ثلاثة أرباع كميّة الكاكاو في العالم.
وقد أظهر مؤخراً تقريراً كان قد أُعدّ، أن السلعة الأكثر ارتفاعاً في العالم هذا العام هي الكاكاو، فالعقود الآجلة له في نيويورك، تخطت مستويات عشرة آلاف دولار للطن، لتسجّل مستويّات قياسيّة جديدة، وهذا يعني ارتفاع أسعارها منذ مطلع العام بأكثر من 129%
الأسعار بدأت في الارتفاع بقوة، في فصل الصيف الماضي، بعد أن بقيّت ضمن نطاق ألفين إلى ثلاث آلاف دولار للطن، لحوالى خمس عشرة سنة.
وتُعرف ساحل العاج وغانا، بأنهما المنتجان العالميان الرائدان لحبوب الكاكاو. وتشهد تلك البلدان منذ العام الماضي، ظروفًا مناخيّة صعبة، لا سيما الحرارة الشديدة، مما أثر سلبًا على إنتاج الكاكاو.
علاوة على ذلك، فرضت التكاليف المتزايدة للمبيدات والأسمدة ضغوطًا ماليّة على المزارعين، مما جعل من الصعب عليهم شراء هذه المكونات الحيويّة لصيانة المحاصيل، وقد أدّت الآفات التي استهدفت نباتات الكاكاو إلى زيادة تقلّص المحصول.
أما في لبنان، لقد سبق أن استغنى الشعب اللبناني عن العديد من السلع، إزاء الوضع الاقتصادي المترّدي، وتقليص القدرة الشرائيّة، ولكن هل نستطيع أيضاً الاستغناء عن الشوكولا؟
وكيف سيعيش عشاق هذه القطع الشهيّة، إذا ما أصبحت إسعارها توازي أسعار المجوهرات؟!
وهل سوف يقدّم الشوكولا، هدية قيمة ثمينة كبديل من المجوهرات؟!
الجواب يرتبط ربما بتقلبات المناخ، والتي قد تقلب معها موازين العادات والتقاليد، فيصير معها الشوكولا أغلى هديّة يمكن أن نقدّمها أو نحصل عليها.