ما يحدث في غزة اليوم، حتى في الضفة الغربية، وشمال فلسطين المحتلة، هو إبادة جماعية وبخاصة في القطاع، إذ تعدّى عدد الشهداء الأبرياء الاربعين ألفاً، إضافة الى المصابين والمعوقين.
وكما يبدو فإنّ بنيامين نتنياهو بات الحاكم بأمره داخل الكيان الصهيوني حتى أمام إدارة جو بايدن ومن لفّ لفّه من زعماء الغرب… إذا بدا «النتن» مغروراً متغطرساً و «يا أرض اشتدّي ما في حَدَن قدّي».
القضية الحقيقية هي ان نتنياهو ليس هو المجنون الوحيد في إسرائيل، وإن كان «النتن» أشدهم جنوناً. فإنّ وراء نتنياهو في الداخل تيار شديد التطرّف أيضاً… هذا التيار لا يزال يطالب نتنياهو بالمزيد… إذ لم يشبع زعماء هذا التيار من سفك دماء الأطفال والنساء والشيوخ والأبرياء، حتى ان كاتباً إسرائيلياً كتب مقالاً في صحيفة «جيروزاليم بوست» يقول فيه: «إنّ إسرائيل مارست ضغطاً عسكرياً مخففاً على أعدائها، فلم تكن هناك إنجازات مهمة فلم يترك سراح الرهائن، ناهيك عما تراه من جنون أعضاء الكنيست وحكومة الحرب الذين يصرخون مطالبين بالقتل والإبادة. وهم يعتبرون ان كل ما قام به نتنياهو من إجرام غير كافٍ. ولعلّ قوة هذا التيار هي التي عجزت حتى الآن عن إزاحة نتنياهو عن الحكم، والتي لو حدثت ربما تعطي أملاً جديداً للسعي نحو سلام قد يؤدي الى حلّ القضية التي تجاوز عمرها الستة وسبعين عاماً.
نحن الآن أمام حالة جنون غير مسبوقة في التاريخ… وأمام حاكم وشعب قد فقدوا أبسط قواعد الانسانية منذ ثمانية عقود، وأمام مجتمع دولي عاجز ومتآمر ولا يريد حلّ قضية واضحة للعيان.. ومع ذلك يغض الطرف عن حلّها حلاً دائماً وعادلاً.
اليوم، وبعد انقضاء أكثر من عشرة أشهر على حرب الإبادة والتهجير الصهيو-أميركي، التي يشنها الكيان الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني… وبينما الجميع يترقبون نُذر الحرب الاقليمية الشاملة التي تلوح في الأفق ضد جرائم وانتهاكات الكيان الصهيوني بدعم وضوء أخضر أميركي، ها هو مجرم الحرب المتطرّف وزير مالية الكيان بتسلئيل سموتريتش يصرّح: «نملك عشرات الرؤوس النووية المنتشرة في جميع أنحاء البلاد… فما هو الضرر في أن يموت سكان غزة جميعهم لنحيا نحن».
بعد مثل هذه التصريحات وغيرها، وفي مثل هذه الظروف، لا نزال نطالب بكفّ أيدي هؤلاء المجانين، وردعهم ومنعهم من متابعة إجرامهم. نريد كفّ أيدي هؤلاء المجانين لأنّ اللعب بالنار ممنوع، وأرواح الناس ليست رخيصة أو بلا ثمن. إنّ هذه الدعوات هي في الواقع دعوات صهيونية متطرفة لتوجيه ما يسمى «ضربة استباقية» عوضاً عن انتظار الردّ على طريقة «فوق حقو دقو».
إننا بالفعل نناشد الدوائر السياسية المؤثرة في العالم ومراكز صنع القرار، طرح الحالة النفسية لنتنياهو ورفاقه على طاولة النقاش… فهم بالتأكيد مجانين وباتوا يشكلون خطراً على شعبهم وشعوب العالم الآخر. إنّ ما أقوله هو كلام جاد، فأي متتبع لكلام وتصرفات وانفعالات ونظرات وردود أفعال نتنياهو في الآونة الأخيرة، تتخذ بشكل تصاعدي منحني غير سوي. وليست المشكلة فقط في أفكار ومعتقدات نتنياهو الشاذّة والمتطرّفة، بل هو كشخص يعطي كل يوم دليلاً على انه مختل يسير بسرعة نحو الجنون…
وربما كان اختيار «حماس» ليحيى السنوار القائد البطل زعيماً ورئيساً لـ «حماس» هو السبب الذي سرّع عملية «هلوسة» نتنياهو.