الدخل القومي يتجاوز الـ 30 مليار دولار

بقلم مروان اسكندر

لا شك ان الاوضاع المالية في لبنان غير مشجعة على الادخار او الاستثمار وان الطاقة الحيوية للبنانيين التي هي كفاءاتهم في تحريك الاقتصاد والسياحة ومناهج التعليم والدخل الفردي تشكو من تراجع مخيف علمًا بان معدل دخل الفرد لا زال على المستويات المحققة منذ عام 2020 وخطأ الامتناع عن تسديد فوائد الين العام دفع لبنان الى مجموعة الدول المصنفة بما يسمى اللائحة التي تشمل الدول العاجزة عن تسديد التزاماتها الدولية…وقد انعقد مؤتمر جمعية المصارف العربية في بيروت الاسبوع المنصرم وقد تركز البحث على ما اذا ستضيف لبنان بلائحة البلدان العاجزة عن تسديد التزاماتها الدولية.

المؤشر الوحيد الذي توافر للمؤتمرين، والذي ركز عليه حاكم البنك المركزي بالوكالة تحقيق فائض على حساب ميزان المدفوعات تجاوز المليار دولار خلال السنة المنقضية منذ تعيين الحاكم بالوكالة، وهو يركز على هذا الانجاز، والذي يعتبر انجازًا حقيقيًا لكنه انجازًا لا علاقة لمصرف لبنان في تحقيقه.

الفائض على حساب ميزان المدفوعات على مستوى مليار دولار خلال سنة ازمة يعتبر انجازًا لكن سببه توجه اللبنانيين نحو اعتماد مصادر الطاقة الطبيعية أي طاقة الشمس بصورة خاصة وطاقة الهواء، والاحصاءات تبين ان لدى لبنان طاقة من الالواح الشمسية والهوائية تضاهي 2000 ميغاواط والمرجح ان ترتفع الى 3000 ميغاواط هذه السنة.

اقيم شخصيًا مع زوجتي في شقة في الاشرفية على مقربة من ثانوية الثلاث اقمار المبنية، كما كليات جامعة اكسفورد على شكل مربع، وقد بادرت ادارة المدرسة الى تجهيزها بالألواح الشمسية منذ سنتين وبالتالي وفرت النور لطلاب الثانوية كما لطلاب العناية غير الدراسية اضافة الى مدرسة ثانوية وهذه المؤسسة متواجدة على مقربة من منتجع مجمع الABC الذي يزوره يوميًا اكثر من 50 الف لبناني لاغراض شراء الحاجيات من مختلف الانواع، او حضور صالات السينما او التمتع بوسائل الرياضات في داخل المجمع، كما ان مدرسة الثلاثة اقمار التي يحوطها ثلاث طرقات تحتوي على ميتم لرعاية من فقدوا اهاليهم وملعب كرة السلة.

موقع المدرسة الثانوية يبعد عن شقتنا مساحة محيطة بمنزل من طابقين مع حديقة تحتوي على اشجار الصنوبر وصاحب الملك مواطن كويتي يريد المحافظة على منزله كما هو مع بعض التحسينات بالتجهيزات والعناية بالحديقة.

حينما استطيع الافاقة وابتداء العمل الكتابي تكون الاضواء مشعة في مدرسة الثلاثة اقمار كما في مجمع الABC والذي يشمل مواقف لعدد كبير من السيارات وتستمر اضاءة المواقف ليلاً رغم ندرة استعمالها بشكل يومي الامر الذي يوفر حماية مقابل سرقات السيارات المنتشرة الى حد بعيد.

بالتأكيد مؤسسات صحية ودراسية عديدة تجهزت على الشكل المناسب ومن اهم هذه مستشفى الجامعة اليسوعية الذي تغطي سقفه الالواح الشمسية والمبنى يمتد مقابل ثلاث طرقات رئيسية، وعلى مقربة من مجمع الABC في شارع ماري جهشان هنالك كنيسة صغيرة تستقبل اي طالب للهدوء والصلاة، وقد تجهزت بالألواح الشمسية التي تؤمن الاضاءة، وبما ان الابنية المرتفعة تجهزت بالألواح الشمسية من اجل المحافظة على قدرة المقيمين زيارة الاسواق، والاصدقاء ومن ثم العودة الى منازلهم.

نعود الى تأكيدنا ان الدخل القومي لا زال يتجاوز ال30 مليار دولار رغم اقاويل بعض مكتسبين صفات المعرفة بشؤون الاقتصاد والمال، والبرهان على ما نشير اليه يتجلى من ظاهرتين: الظاهرة الاولى اندفاع عائلات لبنانية عديدة للسفر الى بلدان تستقبل وافدين شرط تمتعهم بكفاءات علمية او عملية تسهم في اغناء بلاد الاغتراب بالكفاءات، وعدد المغادرين للهجرة يتوق بكثير عدد العائدين الذين يتلمسون فرص العمل ان توافرت.

البرهان على ان حجم الدخل القومي يتجاوز بنسبة 50% (دون احتساب الاثر المضاعف لتلك النفقات) على الاقل الرقم المتداول أي 20 مليارًا والبرهان على ذلك حجم المستوردات والذي يوازي 17 مليار دولار كما نفقات تسيير شؤون الدولة، ويجب احتساب التحويلات المعتمدة لمؤسسات التعليم مثلاً: 300 مليون دولار سنويًا من الولايات المتحدة للجيش اللبناني و150 مليون دولار للجامعة الاميركية وتحويلات الحكومة الفرنسية، الى المؤسسات المنضوية للتأثير الفرنسي تبلغ 250 مليون دولار، كما ان تحويلات هيئة الامم 700 مليون دولار للحكومة اللبنانية ومبلغ مماثل للمهجرين السوريين الذين ينفقون على الاقل 200 مليون دولار على الكهرباء، والانتقال، ودراسة الابناء وزيارة الوطن الام سنويًا، ويضاف الى ذلك نفقات القوات الدولية في الجنوب ويبلغ عدد هذه القوات ال10 آلاف ويمكن تقدير نفقات جنود القوات الدولية ب10000 دولار سنويًا، أي ما يعادل مائة مليون دولار سنويًا.

يضاف الى هذه التدفقات الادخارات التي كانت متوافرة للبنانيين واضطروا الى استعمال جزء غير بسيط منها بسبب غلاء الاوجه المتعددة للإنفاق سواء على تعليم الاولاد وكفاية حاجات الذين يدرسون في الخارج، وربما احتياطي العائلات اللبنانية كان يوازي 15 مليار دولار لا زال يتوافر منها 8 مليارات لكفاية حاجات المستقبل.

برهان آخر على رغم استثمار في مجال مربح بدأ مع تأسيس حزب الله مؤسسة القرض الحسن وقد اصبح لهذه المؤسسة 40 فرعًا في لبنان، ويلاحظ في المدة الاخيرة الاعلانات التلفزيونية التي تشجع اصحاب الاموال على ايداع اموالهم في الاسواق العالمية، والحقيقة ان الاعلان التلفزيوني الذي يعده شاب يبدو مثقفًا هو ضعيف للغاية ولا يجوز الاستمرار في بثه، وفي الوقت ذاته اصبح هنالك على الاقل 50 منفذًا للصرافة والتحاويل الى الخارج والمؤسسات ومنها عدد انشأ هذه السنة غير خاضعة لرقابة مصرف لبنان. كل ذلك دون احتساب الاثر المضاعف لكل هذه النفقات. ولهذا السبب بالذات نتمنى على الحاكم بالوكالة قبل اطلاق تصاريح قوة الاقتصاد واستعادته عافيته ان يعتمد على من يعرفون عن حق الاسواق العالمية والتحليل الاقتصادي والمالي.

مروان اسكندر

التعليقات (0)
إضافة تعليق