آخر حديث صحافي لـ «الشرق» للزعيم طوني فرنجية منذ 46 عاماً (1)

كتب عوني الكعكي:

يصادف اليوم مرور 46 سنة على اغتيال الزعيم والوزير طوني فرنجية ومعه زوجته ڤيرا قرداحي وابنته الطفلة جيهان، ولم يسلم من عملية الاغتيال إلاّ الوزير سليمان فرنجية لأنه كان عند جدّه المرحوم الرئيس الأسبق سليمان فرنجية.

وقبل يومين من عملية الاغتيال التي تعرّض لها المرحوم الزعيم والوزير طوني وزوجته ڤيرا وابنته جيهان أجريت معه حديثاً وكان معي الزميل الكبير الاستاذ خليل الخوري. وتكريماًً للفقيد الغالي ارتأيت أن أعيد نشر المقابلة ليطّلع اللبنانيون على شخصية وطنية غير طائفية خسرها لبنان وشعبه باغتيال هذا الزعيم الكبير.

النائب طوني فرنجية قد يكون أكثر الناس انشغالا هذه الايام، فهو يوزع وقته بين مستشفى اوتيل ديو حيث يعالج والده الرئيس سليمان فرنجية من الوعكة الصحية التي ألـمّت به . وبين واجباته العائلية وانشغالاته السياسية . ومع ذلك أفرد لنا ساعة من الوقت، شرح خلالها لقراء الشرق، جميع التطورات والقضايا القائمة على الساحة اللبنانية والملابسات التي ترافقها من الوضع الداخلي الى احتلال الجنوب وقراري مجلس الامن ٤٢٥ و٤٢٦ و”اتفاقية القاهرة “ وبناء الجيش وتعويم الحكومة وغيرها.

ومن أولى من النائب الشاب بهذه المهمة، فهو على رغم حداثة سنه مطلع على جميع مجريات الامور اذ انه بحكم المسؤولية التي كان يتحملها في الحكم خلال فترة الاحداث وقبلها عايش القضايا ورافقها ساعة بساعة.

وبعد أن اطمأنينا على صحة الرئيس فرنجية وتمنينا له الشفاء العاجل دار بيننا وبين الاستاذ طوني الحديث الاتي:

س : نستهل اسئلتنا بالحدث الكبير الذي استرعى اهتمام جميع الأوساط السياسية والشعبية وهو لقاء الرئيسين سليمان فرنجية ورشيد كرامي، فما هو تعليقكم على الموضوع، وما هي المرحلة المقبلة؟

ج: «ولاخرتها».. لقد حصل الحادث المؤسف في زغرتا ولكن ردة الفعل التي بدت من اخواننا الطرابلسيين هي التي اثرت في الشعب الزغرتاوي وساعدت كثيرا على تقريب القلوب لبعضها ولم يعد بامكان لبنان اليوم ان يعيش في هذه الدوامة المستمرة منذ ثلاث سنوات وهي تدور في حلقة مفرغة. لقد أصبح من المفروض أن يتم القيام بعمل شيء ما، واظن ان المكان الوحيد الذي يمكن ان يعمل شيء فيه لجهة التقارب هو الشمال على اساس انه لم يحصل في الشمال ما قد حصل في بقية المناطق. وكانت الحرب فيه نوعا ما نظيفة، وشريفة، فإذاً كان من المعقول أن يبدأ هذا الأمر من الشمال.

س: برأيكم هذا هو السبب الرئيسي للمصالحة؟

ج: هذا هو سبب بداية المصالحة، وأعود فأكرر أن السبب الرئيسي واخرتها، كما قلت. لا يمكن لأي فريق من اللبنانيين أن يستأثر بلبنان وحده ولذلك علينا أن نعيش متفقين معا. من الممكن أن نختلف في الرأي ووجهات النظر ولكن ليس من المفروض أن نقتل بعضنا البعض.

س: هل تعتقد ان المصالحة التي تمت في الشمال ستنعكس على مناطق اخرى؟

ج: أكيد فان الشعب اللبناني بكامله يريد الخلاص من هذا الكابوس المسلط عليه لذلك نرى الشعب اللبناني كله هلل أول يومين للوثيقة الثلاث عشرية اذ كان قد اعتبرها انها باب الفرج لغاية ما فهم أن هذه الوثيقة لا تعني شيئا.

س: ما رأيكم بهذه الوثيقة؟

ج: لقد اعطيت رأيي سابقا في الوثيقة. انها تعطي الفلسطينيين أكثر من “اتفاقية القاهرة”. ان تسمح للفلسطيني أن يبقي على أي كمية من السلاح بينما تمنع على اللبناني أي نوع من السلاح. كما أن العمل المسلح بالجنوب توقف طبيعيا ومنذ سنتين.

س: هل تعتبر أن كمية السلاح مهمة بأيدي الفلسطينيين اذا توقف العمل المسلح؟

ج: بالطبع مهمة جدا بعد الشيء الذي رأيناه. لانهم اذا ارادوا يوما لن يعودوا لمحاربة اللبنانيين فان كمية السلاح تكون مهمة. ولذلك فإما ان ينزعوا كل السلاح وإما أن يبقوا على كل السلاح.

واضاف: ان الوثيقة النيابية لا تمثل شيئا وشعوري انها لا تعطي نتيجة وهذا أمر متروك للأيام أن تبرهن عنه. وقد بدأت الامور تتضح، حتى اصحاب الوثيقة بدأوا يغيرون رأيهم. ما هذا الوفاق الذي توصلوا اليه ما داموا لم يستطيعوا الاتفاق على تشكيل حكومة؟

س: ما هو موقفكم من قضية تعويم الحكومة، وهل انتم مؤيدون ام انكم كنتم تفضلون تشكيل حكومة جديدة، وما شكلها؟

ج: كما قلنا في الاستشارات لا تهمنا الكمية والشكل، بل النوعية. تهمنا حكومة تستطيع أن تحقق رغبات الناس في بناء لبنان المستقبل. ولكن رأينا في محاولة تأليف الحكومة ان عناصر كثيرة أرادت إعادتنا الى لبنان الماضي وهذا ما لا نقبل به.

س: كيف ارادوا إعادتنا الى الماضي؟

ج  : لقد رأيتم الملابسات التي رافقت محاولات تشكيل الحكومة، هناك فاعليات سياسية جديدة في البلاد ولا يمكننا انكارها، واذا لم يرق لهم الأمر فليجروا انتخابات جديدة.

س: ما هي الأسباب التي ادت الى عدم تشكيل الحكومة الجديدة، ومن يتحمل المسؤولية؟

ج  : لن يسمحوا لك بنشر الجواب.

س : لماذا؟ يقال ان التعويم هو اول نكسة سياسية للعهد الحالي، فإلى أي حد اثر تراجع الدكتور سليم الحص عن استقالته بنظركم على قوة العهد؟

ج  : ان كل عهد يمر بنكسات عديدة تكون من نوع عدم امكانية تأليف حكومة أو من نوع عدم التمكن من تحرير مشروع قانون في المجلس النيابي أو مشاكل داخلية أخرى وهذا ليس مهماًً ولكن المهم هو امكانية التغلب عليها. فإذا استطاع العهد أن يتغلب على هذه الازمات يكون قد نجح في فرض السلطة والقيام بالعب الموكول اليه.

س : هل توقعون الاتفاق على حكومة اتحاد وطني في المستقبل القريب كما يتردد ام ان النظر صرف نهائيا عن هذا الموضوع في الوقت الحاضر على الاقل؟

ج: أن أكبر تمثيلية هي الاتفاق على حكومة الحاد وطني، ففي كل بلد من بلدان العالم معارضون وحاكمون ويجب اعتبار الاطراف غير الراضية، إن وجدت في صفوف المعارضة والحكم بالأكثرية.

س : ولكن تجاهل اي تكيف قد يسبب مشاكل وربما مشاكل مسلحة،

ج: قلنا أن لا دولة من دون مشاكل. يجب على الدولة ان تفرض سلطتها على كل الناس من أكبر واحد إلى أصغر واحد حتى ولو كان ذلك بالقوة والا نعتبر انفسنا أننا لسنا دولة.

س: حسب معلوماتكم هل لدى الدولة امكانيات لفرض سلطتها ولو بالقوة اذا اقتضى الأمر؟

ج: بكل سهولة لا احد يستطيع ان يقف امام قوات الدولة. والدولة لديها كلمة واحدة تساوي مدافع العالم كله وهي الشرعية، وبكلمة الشرعية يمكنك محاربة مليون سنة  لوحدك . وقد خبرنا هذا الأمر بأنفسنا.

س: ولكن هذه الشرعية لم تستطع توقيف القتال طوال سنتين؟

ج: أن الدولة خلال حرب السنتين لم يكن عندها جيش لتوقيف القتال انما اليوم هي قادرة. يمكنها استخدام الجيش اللبناني الذي تشكل من جديد ويمكنها استخدام القوات الموضوعة بتصرفها. س: ولكن هل أصبح بإمكاننا ان نسمي الجيش الجديد جيشاً، وهل هو يتمتع بكل مقومات الجيش؟

ج: لا يمكننا أن نسميه بعد جيشاً لأنه لم يتكون نهائياً ولكن العدد الموجود حالياً يمكن استخدامه، كما يمكن الاستعانة بقوات الردع فهي موجودة لهذه الغاية فاذا كنا لا نريد استخدامها فلنقل لهم عودوا من حيث أتيتم. ولماذا تكلف سوريا أو الدول العربية بدفع نفقاتها.

يتبع غداً

aounikaaki@elshark.com

التعليقات (0)
إضافة تعليق