مَن تسبّب في الحروب الإسرائيلية على لبنان [الحلقة الأولى]

68

كتب عوني الكعكي:
قبل كل شيء، علينا أن ندرك أنّ معرفة ما يجري في جنوب لبنان، يحتّم علينا العودة الى التاريخ كي نستطيع أن نعرف حقيقة ما يجري اليوم.
كذلك علينا، أن نعلم أن كل قضية في لبنان يتنازعها رأيان أو أكثر، فإذا أيّدها المسلمون مثلاً، يرفضها المسيحيون والعكس صحيح.
بعد حرب 1967 الإسرائيلية على لبنان، نشأت عند الفلسطينيين جماعات قرّرت العمل الفدائي… وكانت البداية مع حركة «فتح» التي يتزعمها القائد الفلسطيني ياسر عرفات الملقب بـ «أبو عمار»، ومنذ ذلك الوقت نشأ في العالم العربي تيّار شعبي يطالب السماح بتحرير فلسطين. ومن أجل ذلك بدأ الفلسطينيون، وخاصة المجموعة المختلفة مثل «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة بقيادة أحمد جبريل، وحركة فتح كانت الأولى والأكبر ثم الجبهة الشعبية بقيادة جورج حبش، وقوات «الصاعقة» بقيادة زهير محسن».
هؤلاء بين ليلة وضحاها، وبعد «مؤتمر القاهرة» عام 1969، الذي اتخذ فيه قرار السماح للفلسطينيين بحمل السلاح وتأليف منظمات مسلحة تحت شعار «تحرير فلسطين».. تحوّلوا الى جبهات عدّة ضد إسرائيل من الجنوب.
ولا بدّ لنا من المرور بـ28 كانون الأول عام 1968 حين دخلت وحدة كوماندوس إسرائيلية مطار بيروت وألصقت عبوات ناسفة بطائرات الشرق الأوسط التابعة للبنان، ودمّرت 13 طائرة مدنية، وشنّت إسرائيل هجوماً على مطار بيروت انتقاماً لما قيل يومها إنها عملية اختطاف طائرة كانت متجهة من تلّ أبيب الى روما نفذتها المقاومة الفلسطينية.
وقامت إسرائيل بمهاجمة مطار بيروت وتم تدمير أكثر من نصف الأسطول الجوّي المدني اللبناني. وقام المظليون الإسرائيليون أيضاً بتعطيل سيارات الإطفاء في المطار، كما تعرّضت شاحنة تابعة للجيش اللبناني لأضرار إثر استهدافها بنيران مروحية إسرائيلية.
وجاء «اتفاق القاهرة» عام 1969، ليشَرْعن المقاومة الفلسطينية في الجنوب ضد إسرائيل.
عام 1970 حاولت المنظمة الرئيسية أي «فتح» أن تقوم بعمليات فدائية ضد إسرائيل من الأردن، وأكثر من ذلك كان هناك نيّة لدى تلك المنظمات بإسقاط الملك حسين، وأن يكون الأردن تحت سلطة منظمة التحرير الفلسطينية.
نجح الملك حسين بالانتصار على منظمة التحرير.. وفي أيلول «الأسود» قام بعملية عسكرية استطاع أن يطرد المنظمات الفلسطينية من الأردن، فتحوّلت الى سوريا التي حاولت أن تساعد هؤلاء، ولكن الملك حسين كان المنتصر الأكبر في تلك العملية، وكان الرئيس حافظ الأسد وزيراً للدفاع في سوريا، فأقام نظاماً خاصاً لترتيب الوجود الفلسطيني المسلح.. وهناك استطاع الأسد ضبط الوجود الفلسطيني في سوريا، وجعله تحت قيادة الجيش.
المهم أنه وبعد أيلول «الأسود» تعزّز الوجود الفلسطيني في لبنان… وخلال فترة قصيرة سيطر الفلسطينيون على قسم من جنوب لبنان وعلى بيروت وعلى المخيمات الفلسطينية المنتشرة وعددها في لبنان 14 مخيماً، حيث أصبحت بؤر أمنية مسلحة فلسطينية وهي تنتشر في بيروت وطرابلس وصيدا وصور والبقاع.
بدأت إسرائيل ترد على العمليات الفدائية الفلسطينية، وكانت تشن عدواناً بعد كل عملية فدائية، وتعمد الى ردّ عسكري بالطيران حيث دمّرت الأماكن التي يتواجد فيها الفلسطينيون.
استمرت هذه الحال لغاية 1978 حيث قامت إسرائيل باحتلال جنوب لبنان، وعيّنت انطوان لحد من الجيش اللبناني قائداً في الجنوب.
وهكذا طُرد قسم من الفلسطينيين الذين انتقلوا الى بيروت، فصارت العاصمة تحت سيطرتهم ومارسوا فيها كل أنواع السيطرة العسكرية والفساد والتخريب.
وبقيت هذه الحال حتى عام 1982 حيث شنّت إسرائيل حرباً كبيرة على لبنان تحت شعار «القضاء على المقاومة الفلسطينية المسلحة»، واستطاعت طرد «أبو عمار» وجماعته من لبنان، وكان ذلك في تاريخ 30 آب (أغسطس) عام 1982. بعد كل ما جرى في بيروت من حصار واعتداءات عسكرية بالقنابل من الجو، والدبابات المتمركزة في بعبدا، ومن البحر من خلال الأساطيل البحرية المتواجدة أمام شاطئ بيروت. ونتيجة لكل هذا، استمرّ الاجتياح الإسرائيلي بدءاً من بيروت الى الحدود مع فلسطين المحتلة. لم تصمد إسرائيل طويلاً، إذ إن بيروت كانت أوّل المنتفضين خصوصاً بعد عملية البطل خالد علوان الذي قتل 3 ضباط إسرائيليين في الحمراء في مقهى «الويمبي»، مما اضطر الاسرائيليين للبدء بالانسحاب أولاً من بيروت عام 1983 حيث نشأت المقاومة اللبنانية نتيجة الاحتلال الإسرائيلي، واستمرّت الانسحابات على مراحل حتى وصلنا الى صيف عام 2000… يوم أعلنت إسرائيل انسحابها من لبنان، وكانت المرّة الأولى التي ينسحب فيها الجيش الاسرائيلي من بلد عربي من دون قيد أو شرط.
وكما أشرنا، فإنّ الفلسطينيين -وهنا أعني العمل الفدائي- تسبّب بردّ إسرائيلي وإلى احتلال جنوب لبنان امتداداً لصور وصيدا وصولاً الى بيروت التي كانت العاصمة العربية الأولى والوحيدة التي يحتلها العدو الإسرائيلي.
باختصار، كان العمل الفدائي الفلسطيني سبباً في الاحتلال الإسرائيلي للبنان، حيث نشأت مقاومة للاحتلال.
جاءت إيران وتبنّت المقاومة.. وهكذا انتقلنا من احتلال إسرائيلي الى احتلال إيراني سوف نتحدّث عما جلبه لنا الاحتلال الإيراني من ويلات.
باختصار، الفلسطينيون جلبوا إسرائيل وكل الحروب يتحملون مسؤوليتها، أما لبنان والشعب اللبناني فهم الذين دفعوا الثمن.
وهكذا، فإنّ الاحتلال الإيراني دفع إسرائيل الى احتلال إسرائيلي جديد.
ومع الحلقة الثانية غداً.

aounikaaki@elshark.com

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.