ما بعد الذكرى الـ48 لاستشهاد كمال جنبلاط.. ليس كما قبلها!

19

يولا هاشم

 شكّلت الذكرى الـ48 لاستشهاد الزعيم كمال جنبلاط أمس في المختارة، محطة مفصلية واستثنائية بكل المقاييس، بدءًا من الحضور الشعبي والرسمي والحشود التي ملأت طرقات وساحات وقصر المختارة، مرورًا بالمواقف والشهادات والتعليقات من قيادات محلية وعربية ودولية وصولًا إلى الرسائل التي حملتها كلمة الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ما أضفى على المناسبة أبعادا مختلفة عن السنوات الماضية من حيث الظروف السياسية والمتغيرات والتحولات التي شهدتها وتشهدها المنطقة. فكيف يقرأ الحزب التقدمي الاشتراكي الحدث؟

أمين السر العام في الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر يؤكد لـ «المركزية» ان «جنبلاط أعلن عن ختم هذه المناسبة وهذا التقليد السنوي بعد سقوط النظام السوري واعتقال اللواء ابراهيم حويجة المتهم باغتيال كمال جنبلاط. أما كلامه فحمل رسائل سياسية عدة لا بل هي بمثابة وصايا على مستوى الحزب وعلى المستوى الدرزي والمستوى اللبناني. على مستوى الحزب، أوصى الحزب بنقطتين اساسيتين، الاولى التمسك بالاشتراكية الانسانية التي آمن بها كمال جنبلاط وأسس على أساسها الحزب، والثانية بورشة فكرية وتنظيمية وبالتالي إعطاء البعد الفكري، فكر كمال جنبلاط، الحيّز اللازم في عمل الحزب ونشاطه وتفاعل المنتسبين الى الحزب على هذا الصعيد، وهذه مهمة غير سهلة على الإطلاق، وبالتالي ان تكون هناك ورشة تنظيمية تتلاقى مع هذا البعد بشكل كبير. النقطة الثانية التي لها علاقة بالبعد الدرزي، كان جنبلاط واضحًا جدًا في رسالته الى الدروز بالحفاظ على هويتهم العربية والاسلامية والوطنية في أوطانهم، وعدم السماح لاستغلالهم ومحاولة ايهامهم بأنهم قومية مستقلة وليسوا جزءًا من القومية العربية، وعلى هذا الاساس يمكن ان يكون لهم كيانهم الخاص، وهذه اللعبة الاسرائيلية التاريخية في هذا المجال، سواء مع الدروز أو غيرهم. فكانت هذه وصية أساسية بالحفاظ على هذا التراث من النضال استنادا الى انتمائهم القومي والعربي والاسلامي. النقطة الثالثة على المستوى الوطني، كانت الرسالة في أكثر من جانب، وتناولت موضوع انسحاب اسرائيل من جهة والاعمار من جهة أخرى. بالاضافة الى نقطة اساسية ومركزية غير مرتبطة ليس بموضع او موقف سياسي معين بقدر ما هي رسالة لكل اللبنانيين، ولكل القوى السياسية اللبنانية بأن تكون روح المصالحة التي أرساها البطريرك مار نصرالله بطرس صفير مع الرئيس وليد جنبلاط عام 2001، هي الناظمة للعلاقات بين اللبنانيين، لأن الخلافات السياسية بين اللبنانيين طبيعية في العمل السياسي، لكن روح المصالحة يجب ان تكون مظلة هذه العلاقات سواء كانت على المستوى السياسي او الاجتماعي او الوطني العام». أما عن المشاركة الرسمية والشعبية، يقول ناصر: «لم نوجّه دعوة لأي طرف سياسي على الإطلاق، واستنادا الى كلام جنبلاط في المؤتمر الصحافي بأن من يرغب بالمشاركة فأهلا وسهلا به، طيف الحزب بشكل عام رغب في الحضور وكان مرحبا به على اختلاف التوجهات السياسية، معظم الاطراف السياسية كانت موجودة، لبنانيا وحتى فلسطينيا. والحضور كما المواقف تدل على ان كمال جنبلاط شخصية استثنائية ومتجاوز لكل الابعاد المحصورة او الضيقة سواء الحزبية او حتى الطائفية، وما كان يمثله على المستوى الفكري والسياسي وفهمه للمجتمع ونظرته للانسان، هو فوق كل هذه الاعتبارات. وبرأي، هذه القوى السياسية رأت بأن مشاركتها مشاركة لشخصية بهذا الحجم يفوق كل هذه الاختلافات سواء السياسية او الفكرية او الطائفية او حتى الدينية. يضاف إلى كل ما سبق، الدور الذي يمثله الرئيس وليد جنبلاط ورئيس الحزب تيمور جنبلاط والمختارة على المستوى الوطني العام سواء الموقف السياسي او الدور المحوري على المستوى السياسي او التواصل مع الأطراف جميعا. نكاد نكون من القوى القليلة القادرة على التواصل مع الجميع، رغم الاختلاف مع بعض الأطراف السياسية، ومحاولة استنباط حلول، إذا صح التعبير، في الأزمات من خلال هذا التواصل. وهذه المسألة غير بسيطة في الحياة الوطنية، وهذا ما عبّر عنه جنبلاط حينما تحدث عن روح المصالحة. يمكن لأي فريق الاختلاف مع طرف سياسي ويؤدي هذا الخلاف الى أماكن بعيدة لكن سيعود الطرفان للتواصل والتحدث والتحاور وبالتالي هذا ما أرساه جنبلاط منذ فترة طويلة في علاقاتنا السياسية. وهذا جانب اساسي ايضا دفع هذه القوى الى المشاركة». 

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.