حديث رمضان_ ‎رمضان في مدارس المقاصد: رحلة إيمانية وتجربة لا تُنسى!

9

د. غنى البدوي حافظ

مديرة الشؤون التربوية

جمعية المقاصد

مع حلول شهر رمضان المبارك، تتحوّل مدارس المقاصد في لبنان إلى واحةٍ من النور، يتسلل ضوء الإيمان كخيوطِ الفجرِ الأولى، يُلامسُ أرواح طلابها برِقّة، ويهمسُ في آذانِ قلوبهم.

أجواء روحانية وبرامج توعوية مميزة

منذ اليوم الأول لرمضان، تعمّ المدارس أجواءٌ دافئة، فتُفتتح الصباحاتُ بآياتٍ عطرة من القرآن الكريم، يليها مسابقاتٌ دينيةٌ مشوّقة تُحفّز الطلاب على الغوصِ في بحارِ المعاني والبحث عن دررِ الحكمةِ المخبأة بين السطور. تُنظَّم حصصٌ خاصة تأخذ الطلاب في رحلةٍ لاكتشاف أبعاد الصيام الروحية والاجتماعية، كأنهم يُسافرون على متنِ سفينةِ النورِ، تبحر بهم إلى شواطئِ الإيمانِ العذبِ.

وفي زوايا المدارس، تجري لقاءاتٌ حواريةٌ تشبهُ المقاهي الأدبية، حيث يتسامرُ الطلابُ عن الصبرِ كأنهُ أغنيةٌ طويلة، وعن التسامح كأنهُ وردةٌ بيضاءُ تتفتّحُ على ضفافِ القلوبِ.

مبادرات خيرية: رمضان هو شهر العطاء!

لا يكتملُ رمضان دون أن تمتدَّ الأيادي، كالغيمِ يسكبُ ماءهُ على أرضِ الإنسانية. في مدارس المقاصد، يُصبحُ العطاءُ قصيدةً تُكتَبُ بأناملِ الطلابِ على دفاترِ المحتاجين. بعضهم يُشارك في إفطارات للمحتاجين حيث ينثرونَ البهجةَ على وجوهٍ أنهكها التعبُ، ويرسمونَ قناديلَ الأملِ في عيونِ من يحتاجُ دفءَ الإنسانيةِ.

أما حملاتُ جمعِ التبرعات، فهي ليست مجردَ أرقامٍ وحسابات، بل هي رسائلُ تُرسلُ إلى السماءِ، وأكفٌ مرفوعةٌ بالدعاء .

أنشطة ثقافية وفنية بنكهة رمضانية

وكأنَّ رمضانَ يُصبحُ لوحةً يخطُّها الطلاب بأناملِهم، فتزدهرُ مدارس المقاصد بالمسابقات المختلفة. في زوايا المعارض الفنية، تتناثرُ ألوانٌ، تحكي قصةَ ضوءٍ يتسللُ من بينِ المآذن، وسماءٍ تتزينُ بدعواتِ الصائمين.

وعلى مسرحِ الحكايا، يُطلُّ “حكواتي رمضان”، يروي للطلابِ قصصًا تحملُ عبقَ الزمنِ الجميلِ، فتأخذُهم كلماتهُ إلى هناك. وفي مسابقات حفظ وتلاوة القرآن الكريم يتميز الطلاب ويتألقون, اما الكورال فينشر الفرح بأناشيده الدينية في مناسبات بيروت وشوارعها….

تعزيز التواصل مع المجتمع: رمضان هو جسر المحبة!

لأنَّ الخيرَ إذا لم يُهدَ إلى الآخرين، يصبحُ كالعطرِ المسجونِ في زجاجتِه، تنطلقُ مدارسُ المقاصد في رحلاتِ العطاء، حيث يزورُ الطلابُ دورَ الأيتامِ والمسنين، يُصافحونَ قلوبًا أنهكتها الأيامُ، ويزرعونَ في دروبِهم زهورًا لا تذبلُ.

رمضان في المقاصد: مدرسة حياة!

في مدارس المقاصد، رمضان ليس مجرّدَ شهرٍ يمرُّ كعابرِ سبيلٍ، بل هو مدرسةٌ يتعلّمُ فيها الطلابُ كيف يُصبحونَ رسلَ الخيرِ، وحَمَلةَ النورِ في دروب الحياة. إنهُ أكثر من صيام… هو مدرسة تربوية متكاملة تغرس في نفوس الطلاب قيم الإيمان والتضامن والعطاء. ومن خلال هذه الأنشطة المتنوعة، تسعى المقاصد إلى تأهيل جيلٍ يحمل في قلبه روح رمضان طوال العام، جيلٍ يسهم في بناء مجتمعٍ أكثر تكافلاً وتعاونًا. إن هذه المبادرات تجعل من رمضان فرصةً ذهبيةً للطلاب ليعيشوا معانيه الحقيقية، ويطبقوا مبادئه في حياتهم اليومية، ليكونوا أفرادًا فاعلين في مجتمعهم، يساهمون في نشر الخير.

د. غنى البدوي حافظ

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.