الشيخ نعيم قاسم يعيش في عالم آخر
كتب عوني الكعكي:
يقول الشيخ نعيم قاسم: إسرائيل لن تنسحب بالسياسة بل بالمقاومة.
هذا الكلام كان صحيحاً عندما احتلت إسرائيل لبنان عام 1982، ووصلت القوات الإسرائيلية الى بيروت، وحاصرت بيروت لمدة 100 يوم، ثمّ بعدها انسحب أبو عمار (ياسر عرفات) ومعه منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت عام 1982 حيث نشأت المقاومة التي كان هدفها تحرير لبنان من القوات الإسرائيلية.
وبالفعل، عام 2000 أعلنت إسرائيل عن انسحابها من لبنان بدون قيد أو شرط.
وبالفعل، انسحبت إسرائيل وأبقت على مزارع شبعا وتلال كفرشوبا… باختصار أبقت إسرائيل «مسمار جحا» ذريعة لتدخلاتها ووجودها.
بعد الانسحاب بدون شرط أو قيد جاء الوقت لتنفيذ القرار الدولي 1701 الذي يطلب من لبنان أن يحل الجيش اللبناني على الحدود، وأن يكون هو الفاصل بين إسرائيل وحزب الله الذي طُلب منه الانسحاب الى شمالي الليطاني، رفض الحزب تنفيذ هذا القرار. أبقى على قواته في جنوبي وشمالي الليطاني، وعندما حاول رئيس الحكومة الشهيد الكبير دولة الرئيس رفيق الحريري أن يرسل الجيش اللبناني الى الجنوب قامت الدنيا عليه ولم تقعد، متهمة الرئيس الشهيد بشتى الاتهامات.. وهكذا لم ينفّذ لبنان الدولي رقم 1701.
عام 2006، قامت مجموعة من الحزب بخطف جنديين من جيش العدو الإسرائيلي.. فشنّت إسرائيل حرباً على لبنان استمرت 33 يوماً دُمّر فيها البشر والحجر، وبلغت الخسائر 5000 قتيل وجريح وخسارة 5 مليارات من الدولارات كلفة البنية التحتية التي تضرّرت. يومها قال الشهيد حسن نصرالله: «لو كنت أعلم»، وذهب القول مثلاً بالإضافة الى شعار إن صواريخنا ستصل الى ما بعد حيفا…
منذ ذلك الوقت والبلد محكوم من «الحزب».. إذ لا ينتخب المجلس رئيساً للجمهورية إلاّ عندما يوافق الحزب أن يكون هذا الرئيس تابعاً له، وذلك بعد سنة أو سنتين انتظار وفراغ رئاسي قاتل… ولا تتشكل حكومة إلاّ بعد سنة من موافقة الحزب ومعه الصهر الذي يختار الوزارات التي يرغب بها.
جاءت حرب غزة ودخل الحزب مسانداً الإخوة الفلسطينيين. وهذا عمل يُشكر عليه… وبعد مرور شهر جاء المندوب الأميركي آموس هوكستين عارضاً على الحزب أن يوقف قصف شمال فلسطين المحتلة بالصواريخ والعدو الإسرائيلي مستعد أن ينسحب من 13 نقطة هي محل خلاف مع لبنان، بالإضافة الى إعادة النظر بالاتفاق البحري مع العدو الإسرائيلي، وإعطاء لبنان ما يرضى به.
لم يكتفِ الحزب بذلك بل بقي مصرّاً على الحرب، مع العلم أن سلاح الصواريخ الذي كان يهدد به العدو لم يعد فعّالاً.
وهنا، لا بدّ من الإشارة الى 300 صاروخ أرسلتها إيران على إسرائيل بعد فيلم حقق أعلى نسبة مشاهدين في العالم، دلّت على فشل تحقيق أي هدف، حيث تبيّـن أنّ تلك الصواريخ التي تهدد إيران بها هي من مصانع «قيصر عامر» للألعاب النارية.
باختصار، هذه الحرب أثبتت أن الحزب لم يستطع أن يحارب إسرائيل… وكل كلام غير ذلك ليس دقيقاً. وكي أثبت ما أقول: أستشهد ببعض النتائج:
أولاً: يقول الحزب إنه هّجر 80 ألف يهودي من شمال فلسطين. نقول هذا صحيح، ولكنّ في المقابل، عدد اللبنانيين الذين هجروا وصل الى 800 ألف لبناني أو يزيد من الجنوب والبقاع والضاحية.
ثانياً: يكفي أن نقول: إنّ إسرائيل قد حققت أكبر هدف عندنا وهو اغتيال أمين العام حزب الله الشهيد حسن نصرالله الذي كانت تعتبره إيران القائد الذي لم تنجب الأمهات مثيلاً له، وقبل اغيتاله كانوا يقولون لو سقطت شعرة من ذقنه «فستخرب الدنيا»، المصيبة ان إسرائيل قتلت السيّد حسن نصرالله بصواريخ ذكية، ولم يستطع الحزب أن يدفنه إلاّ بعد أن أخذت إذناً من إسرائيل بواسطة دولة قطر أن تدفنه بتاريخ 23 شباط/ فبراير 2025، أي 5 أشهر لم يستطع الحزب أن يدفن قائده وأمينه العام.
أكتفي بهذا القدر مع التذكير بشهداء «البيجر» 4000 واللاسلكي وعددهم هذا غير القيادة للحزب 147 قيادياً غير عدد الشهداء وغير عدد المفقودين، وكذلك علينا أن نتذكر أننا بحاجة الى 16 مليار دولار لإعادة بناء ما هدمته إسرائيل في حربها على لبنان.
أمام هذه المعطيات نسأل الشيخ قاسم: هل ينسجم خطابه مع واقع الحزب اليوم؟
اما إذا كان يريد أن يرفع المعنويات فنقول له أن عليه أن يعترف بالخسائر، وأن يفتش على دور يقوم به بتحويل الحزب الى حزب سياسي، وعفا الله عمّا مضى ولتكن عودة الى الحقيقة.
وهنا نذكر سماحته بالخسائر الكبرى الذي أصيب بها الحزب… إذ بعد مقتل عددٍ كبيرٍ من قادة الصف الأول، لا يزال ما بين الألف والـ1500 مقاتل في مصير غامض، لا يعرف أحد عنهم شيئاً، علماً أن الحزب توقف عن النعي في نهاية أيلول 2024.
وتابع الشيخ نعيم قاسم متحدثاً عن مجريات الحرب، فأكد أنه بدءاً من 8 تشرين الأول تغيرت الصورة لصالح المقاومة.
أضاف: استعدنا السيطرة بعد 10 أيام من العدوان على الموقف، مشدداً على أن الصمود الأسطوري للشبان وقدرة الحزب على قصف تل أبيب والوصول الى بيت نتنياهو جعلت الإسرائيلي يذهب مرغماً الى توقيع الاتفاق.
كلام جميل جداً للشيخ نعيم، ولكن يبدو أنه لا يعلم أي شيء أو يقرأ ماذا ينص الاتفاق بين إسرائيل ولبنان على وقف إطلاق النار، وما هي الشروط.
باختصار هذا الرجل يعيش في عالم آخر، بالإذن من الذكاء الاصطناعي.
من ناحية ثانية، استطاعت الدولة اللبنانية الرسمية بواسطة أميركا أن تجبر إسرائيل على إطلاق سراح 5 مخطوفين، وهذا دليل على أن العمل الديبلوماسي أفضل من العمل العسكري، خصوصاً أن الإمكانيات العسكرية أصبحت بدون فائدة.
aounikaaki@elshark.com
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.