شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – عن إبراهيم حويجي: سرّ عمره نصف قرن
مع نبأ اعتقال الإدارة السورية الجديدة الضابط إبراهيم حويجي، استحضرَتْ ذاكرتي حدثاً مرّ عليه نحو نصف قرن، أعتقد أنه آن الأوان لكشفه، وهو يتعلّق باغتيال الصديق الشهيد المرحوم طوني فرنجية الذي كان زعيماً مرموقاً محبوباً من جمهوره بلا حدود.
كنت في ذلك الحين قد انتقلت الى جريدة «العمل» بعدما تعذر عليّ المضيّ في جريدة «السفير»، وكنت من أسرتها المؤسّسة، وذلك بسبب «إبداع» الميليشيات في القتل على الهوية، وكنت أقيم في شرق العاصمة، والانتقال الى غربها ومنه يومياً بمثابة المغامرة غير الآمنة.
في تلك الليلة الظلماء توجهت والصديقين المرحوم جوزاف أبو خليل وفيليب أبي عقل أمدّ الله في عمره الى مطعم أبو جوزيف الذي لم يكن يوجد غيره على الطريق العام بين الزلقا وضبيه. ولم يلبث أن انضم إلينا الشهيد المرحوم الصديق الشيخ بشير الجميل، الذي انسحب وأبو خليل عند الساعة الواحدة بعد منتصف الليل.
أويت الى الفراش نحو الثالثة فجراً لأستيقظ، بعد ساعتين، الخامسة صباحاً على رنين هاتف المنزل وليأتي صوت الأخ العزيز نقيب الصحافة الأستاذ عوني الكعكي بحرقة كبيرة وحزن عميق وهو يقول لي: لقد اغتالوه… وقبل أن أستفسر أضاف: قتلوا صديقنا المشترك طوني بك. وكان للجريمة الكبرى وقع الصاعقة ولتداعياتها نتائج زلزال كارثي. مع الإشارة إلى أننا قبل أربع وعشرين ساعة كنا (النقيب الكعكي وأنا) قد عقدنا مع طوني مقابلة صحافية بالغة الأهمية بمضمونها.
في وقت قصير توجهت الى مكاتب «العمل» الموقتة الى يمين جسر الكرنتينا، ولم يلبث أن جاء البشير وبادرني بالقول حرفياً: «العوض بسلامتك أستاذ خليل، لم تكن هذه النتيجة هي المقرّرة»(…).
رفض بشير ان يجلس مكاني واستقر على سطح مكتبي شاحبَ الوجه مضطرباً، والتف حولنا الزملاء جميعاً والوجوم يعلو الوجوه.
ونحو العاشرة والنصف صباحاً، اتصلت بي عاملة الهاتف طالبة الكلام مع «الباش» لتبلغ إليه أن إبراهيم حويجي يطلبه. فلم يتناول السماعة بل كبس زرّ «السبيكر»، لنسمع جميعنا الحويجي يقول: يا شيخ بشير ما عدت قادراً على الانتظار أكثر، لازم تسحب الشباب من إهدن والمنطقة، فالأوامر أُعطيت الى الطيران (السوري) بالتحرك»…
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.