شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – نعم إنها حروب الآخرين على أرض لبنان
نستغرب كثيراً ردود الفعل على كلام الرئيس جوزاف عون على أن لبنان تعب من حروب الآخرين على أرضه. ولو أنصف القوم لأجمعوا على الإشادة بهذا القول الصحيح، الصائب، الدقيق. وفي تقديرنا أن معظم التعليقات أُصدِرت عن أهواء وانتماءات. ولا نزيد…
وللتذكير فإننا نستعيد ما قاله الكبير غسان تويني، رحمه الله، أمام مجلس الأمن الدولي، مستخدماً التعبير ذاته، أي «حروب الآخرين على أرضنا». ومن غير المنطقي أن يتنكر أحد لهذه الحقيقة الصارخة، الواضحة كوضوح الشمس في طالعةِ نهارٍ مشرق.
بدايةً، وبعيداً عن المزايدات، لا أحد ينكر أن العدو الإسرائيلي اعتدى (ويواصل عدوانه) على لبنان. ولكن مَن ينكر أن لبنان تحوّل، على امتداد تاريخه، الى ساحة مفتوحة للصراعات الإقليمية والدولية التي تناسلت حروباً لا تنتهي، منذ الإسكندر المقدوني الى اليوم؟.
وهل ثمة شك، في العصور الحديثة، بأن الجيش المصري بقيادة إبراهيم باشا وخليل باشا، حارب العثمانيين على أرضنا في القرن التاسع عشر (زمن الامارة)؟
وحرب الـ1958 ألم تكن حرباً عندنا بين جمال عبد الناصر وأخصامه لا سيما المملكة العراقية في ذلك الحين؟.
وحرب طرابلس ومناطق الشمال، في ثمانينات وتسعينات القرن العشرين الماضي، ألم تكن بين حافظ الأسد وياسر عرفات؟
و «حرب السنتين» التي امتدت طويلاً وما زلنا نتلقى تداعياتها الكارثية، ألم يتدخل فيها الاتحاد السوفياتي وحلف الناتو من جهة والغرب والحلف الأطلسي من جهة ثانية؟ وهل ننسى كم مرّةً تحدث وليد جنبلاط ممتدحاً وشاكراً كيف خاض الكرملين هذه الحرب داعماً ما كان يُعرَف بالحركة الوطنية بزعامة كمال جنبلاط؟
وأي من اللبنانيين لا يقر بأن من تداعيات الحرب الأميركية على العراق أن قدّم «الأنكل سام» وطننا الى سوريا حافظ الأسد على طبقٍ من دماء اللبنانيين وكرامتهم وسيادتهم وحرياتهم ونظامهم وازدهارهم؟!.
ومَن يستطيع أن ينكر أن العدوان الوحشي الإسرائيلي الأخير على لبنان كان، في أحد فصوله، ضمن إطار الحرب بين العدو الإسرائيلي وإيران؟
طبعاً، من مجافاة الحقيقة ألّا نعترف بانخراط اللبنانيين في ما ذكرنا وما لم نذكر من حروب ومواجهات؟ ولكن تلك الصراعات كلها ما كان لها أن تحدث لولا المصالح والمخططات والأدوار وأجهزة المخابرات وحتى الجيوش الأجنبية.
فعلاً لقد تعبنا من حروب الآخرين على أرضنا.
khalilelkhoury@elshark.com
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.