الحشد في التشييع لن يغير واقع الهزيمة

19

بقلم المحامي

د. عبد الحميد الأحدب

التشييع لن يحيي الأموات، فالحشد الذي يستميت حزب الله في جعله كبيراً، لن يزيل هزيمة حزب الله ولن يعيده الى دوره السابق على التغييرات التي حصلت في المنطقة ولاسيما في لبنان وسوريا، فدور حزب الله العسكري انتهى بهزيمة وبسقوط النظام في سوريا وضعف وتراجع ايران في العراق بشكل ظاهر وملموس!

سقوط حزب الله وهزيمته جزء من التغيير الحاصل والمستمر في المنطقة، ومهما حشد حزب الله في تشييع السيد حسن نصرالله والشيخ صفي الدين، فإن ذلك لا يقدم ولا يؤخر، لقد أُقفل الطريق البري على حزب الله الذي كانت تأتي عبره الأسلحة والأموال، وهو باب النظام السوري الذي سقط وأقفل الطريق البحري الذي تتربص البحرية الإسرائيلية كل ما يأتي من ايران لمصادرته، وأيضاً الجو أُقفل عبر مطار بيروت والإقفال له حكاية!

فقد وصلت في الأسابيع الأخيرة أموالاً عبر ركاب الطائرات الآتية من ايران بلغت عشرة ملايين دولار، ولكن التفتيش في مطار بيروت الذي هو في ايادٍ أمينة، ضبط هذه الأموال وقامت قيامة حزب الله وبعد كثير من الأخذ والرد والتهديد والوعيد، عادت الدولة فسلمت المبلغ (عشرة ملايين دولار) الى حزب الله وسلم حزب الله الرواتب الى مناصريه في مستشفى الرسول الأعظم، ولكن، ولكن المخابرات الأميركية علمت بالأمر، وبالطبع علمت اسرائيل، فكانت النتيجة ان اميركا ابلغت انذاراً للدولة اللبنانية بموجبه يجب منع الطائرات الإيرانية من الهبوط في مطار بيروت والتضييق على الطائرات الآتية من بغداد وتفتيشها بدقة، والإمتناع عن تسليم الأموال الآتية لحزب الله عبر ركابها والإمتناع عن تسليمها لحزب الله!

والا، فإن مطار بيروت سيُضرب، لأن لبنان واسرائيل في حالة حرب، واستخدام المطار اداة لضرب اسرائيل بالتمويل الإيراني، يعطي لإسرائيل ذريعة حربية! هذا ليس منطق الحرب فحسب، بل ما نص عليه اتفاق وقف اطلاق النار التابع للقرار 1701، والذي استسلم فيه حزب الله وسلم، وصار على الدولة اللبنانية نزع سلاحه، فإذا احجمت او لم تستطع فإن اسرائيل ستقوم بذلك مدعومة من اميركا، الأموال الإيرانية التي تتدفق عبر المطار هي سلاح مشمول باتفاق وقف اطلاق النار.

عبثاً يحاول حزب الله المكابرة على الهزيمة وعلى اتفاق الإستسلام، ولكن اسرائيل مسنودة من اميركا، هي له بالمرصاد.

اذاً فإن حشد المشيعين في جنازة نصرالله لن يحيي الأموات.

والبيئة الشيعية الحاضنة بدأت تشكو وتنتقد والإنقسام واضح داخل حزب الله بين تيارين، تيار التسليم وتيار المكابرة!

والمكابرة صار لها ثمن، وتباعد أمل عن حزب الله اخذت مظاهره تُستبان!

ولعناصر غير المنضبطة، وهي مأخوذة من قاموس المنظمات الفلسطينية ايام زمان! العناصر غير المنضبطة التي قامت بجولة قطع طريق المطار والإعتداء على الجيش وعلى نائب قائد “اليونيفيل” قوى الأمم المتحدة، لن تترك بسلام اذا نزلت مرة ثانية الى الطرقات، واصلاً فإن الإعتقالات التي تمت أكدت ان الدولة صامدة وليس فيها مكان للدويلة!

ما زالت هناك جولة، بل جولات، حتى يسلم حزب الله ليس سلاحه فحسب بل وجوده، لأنه لم يعد لحزب الله في الخريطة الجديدة مكان لا في السلاح ولا في السياسة، والطائفة الشيعية التي اصيبت بما اصاب الطائفة المسيحية عند اغتيال الشهيد بشير الجميل، وما اصاب الطائفة السنية عند اغتيال رفيق الحريري، الطائفة الشيعية هي امام الطريق الذي سلكته الطائفتان المسيحية والسنية بعد الطائف.

المنطقة مقبلة على سلام، هذا المبدأ لم يعد موضع جدل، ولكن الجدل هو على طريق السلام وكيفيته، فقد دُمرت المنطقة العربية خلال ثلاثة ارباع القرن بالقضية الفلسطينية من الدكتاتوريات التي فرختها القضية الفلسطينية، وآن اوان الذهاب الى السلام، سلام الشجعان وسلام الحرية وكرامة الإنسان.

د. عبد الحميد الأحدب

 

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.