القادم إلى السراي الحكومية بخلفية دستورية لكن دون تجربة سياسية
بقلم مصباح العلي
التغيير الذي انطلق من رأس الجمهورية، ينبغي أن يُستكمل الى كافة مفاصل الدولة التي أصابها العجز والترهّل.
ما زاد من نضوج فكرة «التغيير» تكليف رئيس حكومة خارج الطبقة السياسية وبخلفية دستورية دون تجربة سياسية، والملاحظ استعادة خطاب «17» تشريني القائم على ضرورة «الثورة» في كافة المجالات لانتشال لبنان من هذا الوضع البائس.
«نواف سلام» بدا خارج المألوف وبخطاب كما بنهج مختلف من تشكيل الحكومة وكيفية اختيار الوزراء، وهذا ما سبب إشكالات كثيرة، لكن الحكومة الحالية باتت أمراً واقعاً، وهي ستنال ثقة مريحة في مجلس النواب الأسبوع المقبل.
لكن السؤال البديهي، يتعلق حكماً بسبل نجاح الحكومة خصوصاً في ظل ما ينتظرها من استحقاقات داهمة، بينها أقلها ملء الشواغر وإقرار تشكيلات وتعيينات شاملة، وهذا يتطلب إجراءات سريعة وليست متسرعة تضع لبنان على سكة التعافي بعد سنوات عجاف.
هل يصطدم «نواف سلام» بالواقع المرير، طالما أن الحكم في لبنان محكوم بالتفاهمات وقائم على التسويات، أم ينتصر القاضي بفرض ثورة شاملة من فوق ستصل الى القاعدة الشعبية خلال استحقاق الانتخابات النيابية 2026؟
تجربة عهد فؤاد شهاب مع الإصلاح الموعود، نجحت في تأسيس هيئات رقابية وأرست أسس دولة حديثة، لكنها اصطدمت بالدولة العميقة وبطبقة سياسية متجذرة وقوية، لا يمكن القول بأن المحاولة نجحت أو فشلت، بقدر ما اصطدمت بالواقع اللبناني بتناقضاته وتشعباته.
اللافت، بأنّ جمهورية ما قبل «الطائف» تختلف عن نظام الحكم الحالي، فنزع صلاحيات من رئيس الجمهورية ووضعها بمتناول مجلس الوزراء، رافقه جدل دستوري وقانوني، لكنه بالنتيجة جعل من رئيس الحكومة شريكاً مع رئيس الجمهورية، من هنا تنبثق أهمية دور الرئيس الحالية في ظل المرحلة المفصلية.
لبنان على أبواب تغييرات كبيرة وعميقة، تتطلب خطوات إجرائية، وهي مهمة ليست سهلة ملقاة على كاهل سلام تفترض حنكة سياسية استثنائية.
في هذا المجال، تشير معطيات بأن سلام يسعى لفرض ورشة تغيير إداري شامل، إنطلاقاً من الأمانة العامة لمجلس الوزراء، انطلاقاً من نظرية «القوة» التي ينبغي توافرها لحكم منتج وفاعل.
الامتحان الأول هو بإجراء انتخابات بلدية واختيارية في أيار المقبل، فالتجديد الشامل يحتاج لكفاءة عالية في إدارة العملية الانتخابية بحيادية مطلقة.
فترة المئة يوم، هي قاعدة ثابتة للحكم على أداء الحكومة لناحية النجاح والفشل، فمن غير الممكن والجائز أن يستمر التبرير بأنّ التركة ثقيلة وتحتاج لمعالجاتها وقت وفرص، ولعلها ليست مصادفة أن تنتهي مهلة الـ100 يوم لحكومة سلام عند أعتاب الانتخابات البلدية الموعودة.
مصباح العلي
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.