شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – إلغاء وزارة الإعلام «خيار استراتيجي»

22

عنوان هذه العجالة مقتبَس حرفياً من أول تصريح لوزير الإعلام الجديد الدكتور بول مرقص. وأبادر الى القول إن هذا الشعار يشكّل لي هاجساً، فمنذ عقود طويلة وأنا أكتب وأحاضر متمسّكاً بضرورة إلغاء وزارة الإعلام التي لم يعد لها أي وظيفة إعلامية، على الأقل من وجهة نظري. وأذهب الى أبعد لأقول إنني لم أتخلّ عن هذا المطلب، وقد أصرّيتُ عليه حتى عندما كنتُ في المسؤولية، داخل وزارة الإعلام، في موقع قيادة الوكالة الوطنية للإعلام، ولن أتراجع عنه أبداً. وإنني أبني موقفي على تجربتي الشخصية وليس فقط من منطلق التشبّث بأي فكرة.

لذلك عملنا مع الطيّب الذكر الرئيس المغفور له الدكتور سليم الحص على وضع مشروع قانون من خطوطه العريضة أن تكون الوكالة الوطنية للإعلام مؤسسة مستقلة يُشرف عليها مجلس إدارة، ومثلها إذاعة لبنان، وأن تكون مديرية الدراسات دائرة (ذات شأن بالتأكيد) من دوائر الوكالة الوطنية التي يجب أن تُجرى عليها إصلاحات مهمة، منها على سبيل المثال لا الحصر أن يكون  مندوبو هذه الوكالة ومراسلوها تابعين لها، فلا يتحولون الى مستشارين عند السياسيين والاقتصاديين والنواب والوزراء والزعماء والمستزعمين والمتمولين والمرجعيات الروحية إلى ما هنالك… وكأنهم يعملون عند هؤلاء الأخيرين وليس عند الدولة اللبنانية.

طبعاً، هذا الكلام لا ينفي أن وزراء الإعلام المتعاقبين كان بينهم بعض من الذين عملوا بجد على إعطاء الوزارة دور وفاعلية من ضمن الإمكانات المتوافرة وأعطوا الوزارة حضوراً لعلّه تجاوز المرسوم لها في النصوص. وكان لبعض المدراء فاعلية ملحوظة، إلّا أن الدور المطلوب تجاوز هذه الوزارة بأبعاد كبيرة لا سيما مع ثورة التكنولوجيا المتحكّمة بمسار حياة الناس من أدناه الى أقصاه. كذلك لأن بلداناً كثيرة استغنت عن وزارة الإعلام في حكوماتها، وإن كانت قلّة أعادت إحيائها. ولكن لم يعد لها أي دور في بلدنا.

وتجدر الإشارة الى أن فلسفة إنشاء وزارات الإعلام (في العالم الثالث تحديداً) كانت مبنية على قرار خبيث وهو إطلاع «الرعايا» على ما تريد السلطة أن يطلعوا عليه من معلومات، وحجب المعلومة التي تزعج السلطة وذلك حيث الصحف والإذاعة والتلفزيون في مشيئة الحاكم ولخدمته، وهذا لم يعد ممكناً في زمن أضحى كل تفصيل في متناول آخر بني آدم في آخر دسكرة إن في لبنان كما في العالم قاطبة، فكم بالحري في لبنان الذي كان ولا يزال رائداً في هذا المجال منذ ما قبل الصحيفة وحتى اليوم.

باختصار، الوزارات يكون لها دور، أو لا تكون. وزارة الإعلام ليس لها دور في لبنان.

khalilelkhoury@elshark.com

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.