شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – مورغان ارتاغوس لماذا اختارت منبر القصر؟
لا جديد في الموقف الأميركي من حزب الله الذي أعلنته، صباح أمس، من على منبر القصر الجمهوري، السيدة مورغان أرتاغوس، نائبة الموفد الأميركي الخاص الى الشرق الأوسط، وتضمن حملة غير مسبوقة على الحزب.
أن تعتبر الدمية الأميركية الجميلة أن حزب الله خسر الحرب، وأن توجِّه أطيب الشكر والامتنان الى حليفتها إسرائيل التي هزمت الحزب، بحسب ما قالت، وأن وأن الخ… فهذا لا يقدّم جديداً، ولا يضيف شيئاً على الخطاب السياسي الأميركي قبل عودة دونالد ترامب الى البيت الأبيض وبعدها.
ولكن الجديد هو في الوقاحة البالغة التي استخدمتها هذه السيدة التي تبدو من ليّنات الملامس ولكنها تحمل في طيّاتها خشونة نأذن لنفسنا أن نقول إنها مرفوضة جملة وتفصيلاً، وأيضاً في الأسلوب الخالي من أي لياقة أو ديبلوماسية، لا سيما عندما رأت أن من حقها أن تتدخل في شؤوننا الداخلية (أو المفتَرَض أنها شؤون داخلية، لو تدرون) ومن أبرزها شأن التشكيل الحكومي.
صحيح أن أحداً لا يجهل الدور الخارجي «على المكشوف» في استحقاقاتنا الكبرى، ولكن أن تعلن الموفدة الأميركية عمّا بدا أنه قرار أميركي باستبعاد فريق لبناني له حضوره الكبير في مجلس النواب، ونكرّر: أن يأتي هذا الإعلان من على منبر القصر الجمهوري، فهذا يسيء الى الموقع الأرفع في لبنان، وفي تقديرنا أن الرئاسة الأولى حسناً فعلت بالتوضيح الذي صدر عنها حول عدم علاقتها في هذه الأنشودة الأميركية النشاز.
ولكن يجب التأكيد على أن ارتهان أهل السياسة عندنا الى الخارج، بشكل فادح وفاضح، ليس وليد اللحظة المورغانية، بل هو (ونقولها بألم كبير يلامس الحزن) نتيجة تراثٍ مخزٍ، منذ ما بعد الحرب، يوم حلّ علينا طاقم سياسي لا هم لأهله القبضايات سوى الوصول الى السلطة وتحويلها (بالفساد) الى مكاسب ذاتية راحوا يتقاسمونها مع الوصاية السورية في أبشع ما تكون عليه الوصاية والانتداب. لذلك لا يفاجئنا ما نراه اليوم ونحن نذكر ما جرى، في ماضٍ غير بعيد، من «تعيين» الرؤساء عندنا بتصريح موجز أدلى به الرئيس الراحل حافظ الأسد من على متن الطائرة الرئاسة السورية للوفد الإعلامي المرافق، ونُشر في صحيفة «الأهرام» المصرية التي انشأها ورعاها لبنانيون من آل الجميل وآل تقلا.
وقد أدمن القوم عندنا الوصاية وباتوا أتباعاً بامتياز، وحتى الخضوع والمهانة… والأمثلة أكثر من أن تُحصى.
إلّا أن هذا كلّه لا يجعلنا نقبل بوصاية جديدة حتى وإن كانت من قبل الأمبراطور الأميركي الجديد، خصوصاً لأنها على فجاجة ممجوجة.
وإذا كان الأميركي صديقاً للبنان عن حق وحقيق، وإذا كان يريد فعلاً أن يدعم العهد الجديد بقيادة العماد جوزاف عون الذي يبني اللبنانيون عليه آمالاً عراضاً، فليكفّ عن هذا السلوك المقيت، لأننا نلمس في إطلاق هكذا مواقف، ومن قصر بعبدا تحديداً، إساءةً موصوفة وربّما متعمّدة للعهد الجديد الذي نُدرك، بوعي ومسؤولية، أن الاساءة إليه، ولو تحت ستار دعمه، هي إساءة كبرى للبنان في هذه المرحلة بالغة الدقة والخطورة من تاريخه.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.