شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – خيارات أحلاها مرّ في تشكيل الحكومة
لا يملك رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلَّف العصا السحرية، ليقولا للحكومة كوني، فتكون. علماً أنهما يملكان «سلاحاً» أشدّ وأمضى هو في نصوص الدستور التي لا تسمح لأي طرف سواهما أن يتدخل في عملية التأليف. وهذا الاستدراك صحيح في المبدأ ولكنه غير فعّال على أرض الواقع بعدما استباحت الجماعة السياسية هذه الدولة وأمعنت فيها هدماً وتخريباً، وباتت تتحكّم بمفاصلها، وتمتص خيراتها، وتستنزف مقوّماتها بما فيها الوجودية والمصيرية. وفي واقع الحال هذا، هناك خيارات عديدة أمام الرئيس جوزاف عون والرئيس نواف سلام يراوح معظمها بين الضرر والتمادي في الضرر، بعضها يشكل خيبة، وبعضها الآخر يسمونه الانتحار البطيء. باستثناء خيار وحيد يفترض أن يُعتبر مثالياً ومنه نبدأ: أن يطلع الرئيس المكلّف الى القصر الجمهوري، وبعد التداول تُصدَر التشكيلة الوزارية تحت مسمّى الأمر الواقع التي ستلقى ترحيباً عارماً من الرأي العام اللبناني لثقة اللبنانيين بأن جوزاف عون ونواف سلام سيقدمان المصلحة الوطنية العليا على ما سواها، وليتحمل النواب (أحزاباً وكتلاً ومستقلين) مسؤوليتهم الكبرى في تقبل الأمر أو في رفضه. طبعاً لسنا واهمين، ونعرف كيف تنظر الجماعة السياسية الى مصالحها الذاتية والآنية… في المقابل، ثمة خيارات قد تكون سهلة، على سبيل المثال: التعامل مع التأليف باعتماد تشكيلة من نوع «القديم على قدمه»، باستنساخ ما درج عليه القوم في الحقبة الأخيرة، بما في ذلك كوتا الأعداد والحقائب. ما يعني بالضرورة التمديد للفوضى والمحسوبيات واستشراء الفساد، وفتح مراكز نفوذ داخل مجلس الوزراء الخ… من «الإنجازات» التي «نعمنا» في نتائجها المذهلة من انهيار غير مسبوق، وإيصال الغالبية العظمى من اللبنانيين الى الفقر والجوع والمذلة والمهانة وهجرة الشباب الطليعي والكفاءات عموماً، الى ما هنالك من «روائع وبدائع» أهل السياسة. هذا ما يريده الـ «Fromagistes» (أكلة الجبنة، كما كان يسميهم الرئيس المرحوم فؤاد شهاب) الذين نعرف أن أشداقهم مشرّعة على الأنياب للاستحقاقات المهمة المقبلة، التي سيكون تنفيذها منوطاً بالحكومة المنتظَر تأليفُها بالرغم من أن عمرها لن يتجاوز السنة الواحدة وثلاثة أشهر على الأكثر: ومن تلك الاستحقاقات (مثالاً لا حصراً) الآتي: مشروع قانون انتخاب جديد أو تعديل القانون الحالي. تعيين عشرات كبار الموظفين في مفاصل الدولة العسكرية والأمنية والقضائية والإنمائية والإدارية والديبلوماسية، إضافة الى مئات الموظفين في الفئات الأخرى… ولا يُخفى على أحد المردود الكبير المعنوي والمادي لحشر الأنصار والأزلام والمحاسيب في الإدارات العامة والمصالح المستقلة ومجالس الإدارات الخ … وثمة مستوزرون يصبون الى جنة التوزير ليستفيدوا بمنع تحقيق إصلاحات، أو لوقف التوصل الى نتيحة في مجزرة المرفأ، أو لمواصلة وقف التدقيق الجنائي في مالية الدولة الخ… ولا ننسى الذين يريدون أن يتوسّلوا وجودهم في الحكومة التي ستشرف على إجراء العمليات الانتخابية، ولا نزعم جديداً إذا زعمنا أن هناك مَن يريدون التوزير، بحقائب معينة، لتمويل معاركهم الانتخابية أو معارك مَن يمثّلون، في شهر أيّار من العام 2026 المقبل. باختلاس المال العام او ما أبقوا عليه منه.
khalilelkhoury@elshark.com
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.