بايدن أم ترامب.. من حفز الاقتصاد الأميركي أكثر؟
العامل الأكثر تأثيراً في تعزيز أو تباطؤ النمو الاقتصادي هو التغير في حجم العجز المالي
الاقتصاد الأميركي تلقى تحفيزاً مالياً ونقدياً أكبر بكثير في عهد بايدن مقارنة بفترة ترامب.
من حفز الاقتصاد الأميركي أكثر بايدن أو ترامب؟
شهدت الولايات المتحدة نمواً اقتصادياً أقوى بشكل ملحوظ خلال فترة رئاسة جو بايدن مقارنة بفترة دونالد ترامب الاولى، حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمعدل سنوي قدره 3.1% منذ الربع الأول لرئاسة بايدن، مقارنة بـ2.1% في عهد ترامب. هذه حقيقة جليّة لا جدال فيها، وإن كانت قابلة للتغيير مع المراجعات المستمرة التي يجريها مكتب التحليل الاقتصادي الأميركي على بيانات الدخل القومي والحسابات الإنتاجية.
لتقديم صورة أوضح عن هذا التأثير، يمكن قياس النمو الاقتصادي على فترات تستبعد التأثيرات الكاملة أو الجزئية للجائحة، كما يظهر في البيان (الذي يتضمن أيضاً المقياس البديل للدخل المحلي الإجمالي، الذي يزعم بعض الاقتصاديين بأنه يعكس توقيت التغيرات الاقتصادية بشكل أفضل من الناتج المحلي الإجمالي).
تأثير السياسات المالية
بعد نشر هذا التحليل، تلقيت تعليقات تشير إلى ضرورة مقارنة مقدار التحفيز الذي تلقاه الاقتصاد من السياسات المالية أو النقدية أو كليهما في عهد الرئيسين. وكانت الفكرة الأساسية وراء هذه الاقتراحات هي أن النمو في عهد بايدن قد يكون مجرد نتيجة لتحفيز مالي كبير، لكن اتباع هذه الممارسة بدا وكأنه يستحق المحاولة. فقد تمكنت من حساب مجموعة من أرقام النمو الاقتصادي المعدلة وفقاً للسياسة المالية التي يجب التعامل معها بحذر شديد، لكنني فضلت تقديم البيانات الأخيرة حول السياسات المالية والنقدية في الولايات المتحدة حتى يتمكن القراء من تكوين آرائهم الخاصة. ولهذه الدراسة أهمية كبرى لاستشراف مصدر الاقتصاد في عهد ترامب الثاني الذي يبدأ في 20 كانون الثاني 2025.
بعد تحليل سلسلة من المخططات البيانية، توصلت إلى أن الاقتصاد الأميركي استفاد من دفعة أكبر بكثير من السياسات المالية والنقدية في عهد ترامب مقارنة بما حصل عليه حتى الآن في عهد بايدن، حيث جاء معظم هذا التحفيز لمواجهة التحديات التي فرضتها الجائحة. وعند مقارنة فترة ما قبل الجائحة في عهد ترامب مع الاتجاهات الاقتصادية الحالية في عهد بايدن، فإن الصورة تصبح أكثر تعقيداً، لكن لا يمكن بأي حال الادعاء بأن اقتصاد بايدن حصل على دفعة تحفيزية أكبر بكثير من تلك التي حصل عليها في عهد سلفه ترامب.
لنبدأ بالسياسة المالية. هذه هي العجوزات الفيدرالية الفصلية التي يقيسها مكتب التحليل الاقتصادي الأميركي بوصفها مدخرات الحكومة الفيدرالية الصافية (يظهر العجز إذا كان الرقم سالباً والفائض إذا كان موجباً).
ورغم أن هذا المقياس لا يتطابق تماماً مع أرقام العجز أو الفائض التي ينشرها مكتب الإدارة والميزانية التابع للبيت الأبيض أو مكتب الموازنة في الكونجرس، فإنه عادةً ما يكون قريباً من هذه الأرقام ويتميز بتوفره على أساس أكثر تواتراً وفي الوقت المناسب. ويمكن تتبع هذه الإحصاءات منذ 1947، لكنني بدأت في 2000 لتوضيح ما حدث في السياسة المالية خلال فترتي بايدن وترامب مع توفير سياق تاريخي للمقارنة. كان متوسط العجز أعلى في عهد ترامب مقارنة بما هو عليه حتى الآن في عهد بايدن (7.7% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بـ6.3%)، لكن العجز المالي قبل الجائحة مباشرة في عهد ترامب كان أقل مما هو عليه الآن في ولاية بايدن (4.6% مقارنة بـ6.1%).
تأثير العجز على النمو
مع ذلك، فإن العامل الأكثر تأثيراً في تعزيز أو تباطؤ النمو الاقتصادي ليس حجم العجز في حد ذاته، بل التغيير الذي يطرأ عليه. وكما يظهر من الرسم البياني أعلاه، كان العجز المالي أكبر بكثير عندما غادر ترامب منصبه مقارنة بالوقت الذي تولى فيه الرئاسة، بينما كان العكس صحيحاً بالنسبة إلى بايدن. يتم قياس هذه الديناميكية بشكل ربع سنوي، بجانب تغيرات الوضع المالي لحكومات الولايات والحكومات المحلية، وذلك باستخدام مقياس التأثير المالي الذي يديره مركز هتشينز للسياسة المالية والنقدية التابع لمؤسسة بروكينجز ذات التوجه اليساري الوسطي.
وفقاً لهذا المقياس، كان الاقتصاد الأميركي يتعامل مع ضغط مالي خلال معظم فترة رئاسة بايدن، بينما حصل على دفعة مالية إيجابية خلال فترة ترامب، حتى قبل الجائحة.
إسهام السياسة المالية الفيدرالية والمحلية في نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي.
بما أن أرقام مركز هتشينز تُعرض كإسهامات في النمو الاقتصادي، يمكن استخدامها لحساب مسار افتراضي للناتج المحلي الإجمالي في غياب الدعم المالي أو العوائق المالية. ومع ذلك، فإن ما إذا كان ذلك مستحسناً أم لا، فهذه مسألة أخرى، حيث إن العلاقة بين السياسة المالية والنمو أكثر تعقيداً ولا تنعكس بشكل كامل في الأرقام الفصلية للتأثير المالي.
لكن من باب النقاش، نعرض الأرقام التالية: بعد التعديلات، انكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمعدل سنوي قدره 4.6% في عهد ترامب، بينما نما بمعدل سنوي قدره 9.2% في عهد بايدن. وإذا توقفنا عند نهاية 2019، نجد أن النمو السنوي كان 1.8% في عهد ترامب، لكن إذا بدأنا من الربع الأول من 2022، نجد أن النمو بلغ 6.1% في عهد بايدن.
مرة أخرى، لا أعتقد أن أي شخص يجب أن يأخذ هذه الأرقام على محمل الجد، ولهذا السبب لم أضعها في بيان. ومع ذلك، فإنها بالتأكيد تعطي انطباعاً بأن تفوق بايدن في نمو الناتج المحلي الإجمالي لا يعتمد بشكل كلي على الإنفاق المالي المفرط.
قياس تيسير السياسة النقدية
عند الحديث عن السياسة النقدية، يمكن قياس مدى تيسيرها من خلال النظر إلى أسعار الفائدة الحقيقية، التي حسبتها في هذا الرسم البياني عبر طرح مقياس التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي باستثناء الغذاء والطاقة، من سعر الفائدة الفعلي على ا
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.