إسرائيل وتركيا وروسيا تستعدّ لـ”عاصفة ترامب”؟

27

بقلم موفق حرب

«أساس ميديا»

تتسارع الأحداث مع اقتراب 20 كانون الثاني، يوم تنصيب دونالد ترامب الرئيس الـ47 للولايات المتحدة. وبدأت بعض الدول تتموضع في محاولة لتثبيت وقائع على الأرض، بانتظار وصول رجل الصفقات الذي توعّد بإدخال تغييرات كبيرة في السياسة الأميركية، داخلياً وخارجياً. فكيف بدأت إسرائيل وتركيا وروسيا في التحضير لـ”عاصفة ترامب”؟    

 يتفاعل المجتمع الدولي بشكل استباقي مع الإدارة الأميركية المقبلة، معتمداً استراتيجيات تراوح بين التواصل الدبلوماسي والتعديلات الاقتصادية والمناورات الميدانية، بهدف تلقّف التحوّلات المتوقّعة في السياسة الخارجية الأميركية في ظلّ رئاسة ترامب الثانية.

يفضّل الرئيس ترامب العمل على عنصر المفاجأة كتكتيك تفاوضي من أجل إرباك الخصم. لكنّ توجّهاته  وآراءه أصبحت معروفة لخصوم الولايات المتحدة كما لحلفائها القلقين. تُعتبر المرحلة الانتقالية بين انتخاب الرئيس وتسلّمه الأطول في عمليّات انتقال السلطة في العالم الغربي، وهذا ما يجعلها فرصة لدول العالم لإعادة تموضعها والاستعداد، خصوصاً إذا كان الانتقال إلى شخص غير تقليدي يريد أن يحدث ثورة في المؤسّسات الأميركية، كما توعّد الرئيس ترامب.

يعتبر الشرق الأوسط من أكثر مناطق العالم تأثّراً بأيّ تغيير في السياسة الأميركية، لِما لدول هذه المنطقة من ارتباطات تتقاطع مع مصالح الولايات المتحدة، حتى لو كان شعار ترامب “أميركا أوّلاً”.

تركيا وإسرائيل تستعدّان لمرحلة ترامب

التطوّرات الميدانية الأخيرة في سوريا وعودة “هيئة تحرير الشام” بقوّة إلى المسرح ستعزّزان دور تركيا في سوريا. لأنّها الأقرب إلى هذه المجموعات جغرافيّاً. ويمكنها أن تلعب دوراً في  احتوائها أو دعمها مستقبلاً. قد لا تكون تركيا هي مَن طلب من هذه المجموعات الهجوم، لكنّها بالطبع ستستفيد منه، وسيكون لها مكان متقدّم من خلال زيادة نفوذها في سوريا في حال بدأت المفاوضات من أجل عقد الصفقات بين الدول المعنيّة بملفّات الشرق الأوسط، وتحديداً روسيا وإيران والولايات المتحدة.

معظم استخبارات العالم والمنطقة لديها أصول استخبارية داخل المجموعات الإسلامية الجهادية، ومن الطبيعي أن يكون للمخابرات التركية نفوذ كبير لدى هذه المجموعات، لأنّها تمثّل الشريان الأساس لتحرّكها  تمويلاً وتسليحاً. لذلك يصعب تخيّل عدم معرفة تركيا، وحتى عدم رضاها المسبق عن الهجمات الأخيرة.

استعداداً لمجيء ترامب، بدأت إسرائيل أيضاً الإعداد لهذه المرحلة. برّر رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو قبوله وقف إطلاق النار في لبنان بالتحضير لمواجهة إيران. صحيح أنّ الاتّفاق دخل حيّز التنفيذ في آخر أيام إدارة جو بايدن. إلّا أنّ انتهاء فترة الستّين يوماً التي يشملها الاتفاق قبل تثبيته تتزامن مع تسلّم ترامب لمقاليد الحكم. وهذه إشارة واضحة إلى أنّ نتنياهو أيضاً يتموضع تحسّباً لولاية ترامب الجديدة.

سيكون تعاطي إدارة ترامب مع إيران من أهمّ الملفّات التي تترقّبها دول المنطقة. فإدارة بايدن لم تنجح في التوصّل إلى اتفاق مع إيران في ما يخصّ برنامجها النووي. لكنّها دخلت في مرحلة من المهادنة وفق سياسة “لا تصعيد ولا اتّفاق”. وترامب لن يستمرّ في هذه السياسة، وقد تعهّد بتشديد العقوبات على إيران على الرغم من إعلانه مراراً أنّه مستعدّ للتوصّل إلى صفقة مع طهران.

مواجهة الصّين تتيح المناورة

تركيز ترامب على مواجهة الصين قد يعطي إيران مساحة للمناورة، إذا ما أرادت واشنطن استمالة طهران من أجل إبعادها عن الصين التي تستورد النفط الإيراني ولديها اتفاقات اقتصادية كبيرة مع طهران.

ترامب وفريقه معروفون بمواقفهم المؤيّدة لحكومة نتنياهو. لكنّ ترامب سيعمل على توسيع اتفاقيات أبراهام، وتحديداً مع المملكة العربية السعودية، لأسباب متعدّدة، منها إبعاد النفوذ الصيني الاقتصادي المتزايد في منطقة الخليج.

يدرك نتنياهو أنّ عليه تقديم تنازلات في ما يخصّ الفلسطينيين. وهو ما اشترطته المملكة العربية السعودية لناحية ضرورة أن يكون هناك مسار جدّي لقيام الدولة الفلسطينية. واستباقاً لأيّ محاولات ضغط من قبل ترامب على إسرائيل، ازدادات تصريحات الجناح المتطرّف التي تطالب بضمّ الضفّة الغربية.

تكتيك نتانياهو لإرضاء السّعوديّة وترامب

قد يكون تشدّد نتانياهو تكتيكيّ، والهدف منه تصوير تراجعه عن ضمّ الضفّة الغربية أو تجميده بمنزلة “التنازل” الذي يستعدّ أن يقدّمه لإرضاء السعودية وإدارة ترامب، بدلاً من التزام العمل على قيام دولة فلسطينية.

كذلك تأمل روسيا بتحسين العلاقات مع أميركا. حيث أعرب ترامب عن إعجابه بالرئيس فلاديمير بوتين واستعداده للتعاون في قضايا مثل مكافحة الإرهاب. لكنّ هذا الانفراج المحتمل في العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا أثار مخاوف بين حلفاء الناتو ودول أوروبا الشرقية.

هكذا تعمل بعض الدول حول العالم على تعديل استراتيجياتها لتتوافق مع التحوّلات المتوقّعة في السياسة الخارجية الأميركية. وتسعى بشكل استباقي إلى التفاعل مع الإدارة المقبلة لضمان مصالحها والحفاظ على علاقات مستقرّة مع الإدارة الجديدة في أميركا.

موفق حرب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.