حديث الجمعة_ ثمار العمل الصالح

0

المهندس بسام برغوت

العمل الصالح هو كل ما يرضاه الله سبحانه وتعالى من الأقوال والأعمال، الظاهرة والباطنة، يقوم به المسلم بقصد التقرّب إلى الله تعالى الذي أمر به في كتابه الكريم، فقال: «يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ» (سورة المؤمنون).

ولا شكّ أن للعمل الصالح مكانة عظيمة وأهمية كبيرة في الدين الإسلامي؛ إذ إنه ثمرة الإيمان، حيث قرن الله تعالى بينهما في كثير من الآيات؛ التي جاءت بالترغيب به والحث عليه وبيان ثواب فاعله وربطه بالنجاة في الدنيا والآخرة والفوز بالجنة، وأن تركه خسارة وهلاك، قال الله تعالى: «وَالْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ» (سورة العصر).

يتنوع العمل الصالح ويشمل العبادات والطاعات، والأعمال الصالحة التي تتفاوت في أجورها ومراتبها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الإِيمانُ بضْعٌ وسَبْعُونَ، أوْ بضْعٌ وسِتُّونَ، شُعْبَةً، فأفْضَلُها قَوْلُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَدْناها إماطَةُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ، والْحَياءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمانِ».

يشترط لقبول العمل الصالح:

الإخلاص: وهو أن يعمل العمل الصالح ابتغاء وجه الله وحده، بحيث يقصد المسلم من فعل العمل رضا الله تعالى، دون غيره، من غير رياء أو سمعة، فهذا كله ينافي الإخلاص، فإذا أشرك المسلم بالعمل غير الله لن يقبل عمله، قال الله تعالى: «فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا» (سورة الكهف).

موافقة الشرع: يجب أن يكون العمل مشروعاً شرعه الله تعالى، ومطابقاً وموافقاً لِما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه لا بدّ من متابعته صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: «وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا» (سورة الحشر)، وكل عمل مخالف لِما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، فهو باطل غير صالح.

إنّ للعمل الصالح العديد من الثّمرات والآثار العظيمة، ومن هذه الثمرات ما يأتي:

العمل الصالح سببٌ في زيادة التقوى والإيمان؛ فكلّما كثُرت الأعمال الصالحة زاد بها إيمان العبد، فكلما كان العمل أفضل؛ زاد إيمان العبد بشكلٍ أكبر وأعظم.

العمل الصالح سببٌ في زيادة صلة العبد بربه وتقرّبه إليه، وسببٌ في قرب العبد من ربه عزوجل، ورفعته وارتقاء درجته عند الله تعالى يوم القيامة.

العمل الصالح المقرون بالنيّةِ الصالحة سببٌ في دخول العبد الجنّة، والمُكثر من العمل الصالح والمُداوم عليه يوفّقه الله تعالى بإذنه للخاتمة الحسنة.

العمل الصالح يُعطي صاحبه الشعور باللّذة التي لا يملّ منها، حيث يحرص العبد على الزيادة منه باستمرار؛ والسبب وراء ذلك الشعور أنّ العمل الصالح يُقرّب العبد من خالقه، بخلاف الحرص على أمور الدنيا التي يُصيب الإنسان بسببها الملل وفقدان اللّذة.

ويدخل في العمل الصالح كل الأعمال والطاعات التي يقوم بها العبد تقرّباً من الله -تعالى-، وكلّ أعمال الخير التي فيها صلاحٌ للبشريّة، والأمثلة على العمل الصالح كثيرةٌ لا يُمكن حصرها؛ كالإنفاق في سبيل الله على الفقراء والمساكين، وبرّ الوالدين، وإكرام اليتامى، وصلة الرحم، وغيرها، وقد وردت الكثير من الأمثلة على الأعمال الصالحة في العديد من سور القرآن الكريم؛ كسورة الإسراء والأنعام، وغيرها من الآيات القرآنية التي جاءت تحثّ على فعل الخير وتبيّن فضله على صاحبه، وتنهى عن فعل الشر والمحرّمات، وأكثر الأعمال الصالحة التي حثَّ عليها القرآن الكريم هي الصلاة؛ لِما تحقّقه من الروحانيّة والصِّلة بالله والطمأنينة للعبد، وتبعده عن المنكر، قال الله تعالى: «إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ» (سورة العنكبوت)، وكذلك الزكاة؛ لِما تحقّقه من الفضائل العظيمة التي يعود نفعها على الفرد والمجتمع، قال الله تعالى: «خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها» (سورة التوبة).

ختاماً،

تتجلّى أهمية العمل الصالح في العديد من الآيات القرآنية التي جاءت تقرِن بينه وبين الإيمان بالله سبحانه وتعالى، حيث إن الإيمان مرتبطٌ ارتباطاً وثيقاً بالعمل؛ فالعمل الصالح انعكاسٌ عمليٌّ وتطبيقيٌّ لِما وقر في قلب العبد، ثمّ إن أركان الإسلام كُلّها من الشهادتين، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج؛ تحتاج إلى ترجمةٍ عمليّةٍ سلوكيّةٍ تدلّ على إيمان العبد بها، وكثيراً ما نجد في القرآن الكريم آياتٍ تذمّ من يقول خِلاف ما يفعل، قال الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ*كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّـهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ» (سورة الصف)، لذلك نجد أن أغلب الدعوات التي جاء بها القرآن الكريم تحثّ على العمل الصالح وتدعو إليه؛ لأنَّه يُعدّ ثمرةً للإيمان بالله ورسوله محمَّد صلى الله عليه وسلم واليوم الآخر.

المهندس بسام برغوت

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.