هوامش – بقلم ميرفت سيوفي- دولة ولاية الفقيه

63

لم يدعُ فقهاء الشيعة مطلقاً الى ولاية تتجاوز الشؤون الدينية الى شؤون الأمور العامة، توجّه المعتزلة (ومن بعدهم الشيعة الزيديّة) لتبنّي نظريّة الامامة القائدة المجاهدة (أي ولاية الفقيه في زمن الغيبة)، رفضتها الشيعة الاماميّة آنذاك لتعارضها مع شروط الامامة الالهيّة،وبعد قيام عدد من الدول الشيعيّة، من الدولة البويهيّة إلى الدولة الصفويّة الفارسيّة، وجد الفقهاء الشيعة أنفسهم مضطرّين للقيام بأعمال القضاء والافتاء، وهو ما يعرف بالولاية الدينيّة الشرعيّة، مشكّلين بذلك مرجعيّة فقهية وولاية على الأمور التي لا تشترط إماماً معصوماً للقيام بها، إلى أن.

تعتقد طائفة الشيعة الإماميّة الإثناعشرية بأن «الإمامة» منصب إلهيّ مكمّل للنبوّة،والحكاية باختصار قضيّة عقديّة «تدهورت» على يد الخميني منذ وصل إلى إيران وقرّر أن يحلّ محلّ «هذا المهدي» نائباً عنه باعتبار غيبته طالت كثيراً، والامام، المعيّن بحكم النص الالهيّ، معصوم من جهة ووليّ أمر المسلمين من جهة أخرى، ومجرّد لمحة واختصاراً لأنّ الطوائف اللبنانيّة تجها عقائد بعضها لذا تشهر على بعضها السيوف على الأقلّ كلّ ربع قرن أو أقل، تعتقد الفرقة الإماميّة الإثنا عشريّة أنّ الامام الثاني عشر (المهدي، محمد ابن الحسن العسكري) قد غاب غيبته الأولى – المسمّاة الغيبة الصغرى – في العام 260 للهجرة وكان عمره يوم غيابه خمس سنوات. وفي تلك الغيبة الصغرى، كان للإمام المهديّ الغائب أربع «سفراء» أو نواب ووكلاء، كانوا ينقلون الأحكام للناس ويأخذون منهم الخمس والرسائل، وفي العام 329 للهجرة، وكان عمر الإمام المهديّ 74 سنة، ابتدأت «الغيبة الكبرى» بوفاة آخر سفرائه، والغيبة الكبرى مستمرّة حتّى يومنا هذا!

جاء الخميني على أساس أنّ إيران»جمهوريّة اسلاميّة ديمقراطيّة»  ولكنّه عمل سريعاً على تحويلها الى «دولة ولاية الفقيه»،وعلى هذه الفكرة «المهدويّة» والتمهيد لمجيء المهدي بإشعال الحروب تقوم العقيدة الإيرانيّة على ركنيْ الولاية والإمامة، أمّا ماذا تعني الإمامة فهذا مكمن النّزاع والنزاع في لبنان واختطافه وشعبه والـ 10452 كلم مربع ليخضع للوليّ الفقيه، وهو بحسب الممارسة الايرانيّة حاكم مطلق على جميع المسلمين (وليّ أمر المسلمين بحسب اللقب المعطى للخامنئي مثلاً)، وهو معيّن من قبل الامام المهديّ، وهو ليس فقيهاً أو مشترعاً فقط، أو مرجعاً للتقليد، بل هو حاكم عام مطلق الولاية له صلاحيات المهديّ المنتظر، فالولاية شعبة من ولاية الله، أي أن الفقيه حاكم الهيّ لا حدود لولايته!

إلى هذه المنطقة العقديّة جرّ حزب الله لبنان، وهو عندما يقول أنّ قرار الحرب والسّلم بيد الوليّ الفقيه يرمي بلبنان وسوريا والعراق واليمن وكلّ مكان يريد الوليّ الفقيه أن تصل يده إليه غير عابىء بكلّ الشعب اللبناني متجاهلاً أنّه جزء من هذا الكيان لأنّه سيطر على الكيان كلّه وقد سعى للوصول إلى هذه اللحظة طوال أربعين عاماً،مع صعود حزب الله وبدأ التفجيرات الإرهابيّة منذ العام 1983 مروراً بزعزعة أمن الخليج العربي، فهل نشهد في هذه الحرب أفول نجم الشيعة الإيرانيّة، وتسليمها للدولة اللبنانيّة، لأنّ الشيعة الإماميّة الإثنا عشريّة بريئة تماماً من عقيدة حزب الله الإيرانيّة!

غداً.. فشل مواجهة العقدي الديني بالسياسة.

 

ميرڤت سيوفي

m _ syoufi@hotmail.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.