هوامش – بقلم ميرفت سيوفي – بين فتنة «الدّجال» والرَّجَّال»

91

في زمن الفتن يغرق النّاس ويتوهون في البحث عن الحدّ الفاصل بين الحقّ والباطل، بعد عام كامل على الموت والخراب لم نصل إلى تحقيق شيء سوى أهوال الموت والدّمار، بشعٌ جدّاً آخر الزّمان هذا انتهي بمجازر وحروب وهرج ومرج مثلما بدأ بجرائم أفظع يوم ذبحوا في الأقصى 70 ألف مسلم على أيدي الصليبيين لأوّل مرة يوم الجمعة 15 تموز 1099، بعد حصار استمر أربعين يوماً، مذبحة قيل فيها «بلغت فيها الدّماء ركاب الخيل في داخل المسجد الأقصى»، لم يكن يومها يوجد كاميرات ولا وسائل تواصل إجتماعي لربّما حصل ما هو أفظع ممّا نراه الآن!

للمفارقة هذا البلاء جرّه على الأقصى في 28 أيلول 1009 «الخليفة المجنون» أو كما لقّب «نيرون الإسلام» الحاكم بأمر الله الخليفة الفاطمي الذي انتهى به الأمر بادّعاء حلول الله فيه، اليوم لدينا حاكم بأمره آخر جرّ البلاء على المنطقة من عاد سلفه الخميني إلى طهران  عام 1979 على متن طائرة فرنسيّة مصحوباً برعاية المخابرات الأميركيّة، وللمفارقة أيضاً كان قد نفّذ قبل موته بقليل أكبر مجزرة في تاريخ الجرائم ضدّ الإنسانيّة إذ أمر بإعدام 30 ألف سجين سياسي في صيف 1988 ومن دون محاكمة! اليوم يأمرنا المرشد الإيراني علي الخامنئي بالقتال والموت فيما هو يختبىء في مكان آمن داخل إيران تحت إجراءات أمنية مشددة، فيما ذكر موقع @NewsNow4USA ما هو أغلب الظنّ شائعة عن مغادرة الخامنئي إلى فرنسا بطائرة الرئيس الفرنسي أيمانويل ماكرون تخوفاً من سقوط نظام الملالي!

سبحان الله، أنظروا إلى الأمتار التي آووا إليها تحت الأرض لتحميهم من الصواريخ ، فيما الناس فوقهم يموتون أشلاء مسحوقة في منازل، 20 متراً تحت الأرض في غرف محصّنة، 50 متراً تحت الأرض ولم يتمكّن أحدٌ بعد من رفع الأنقاض للوصول إليهم، كأنّهم لم يقرأوا قوله عزّمن قائل في كتابه العزيز {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النساء /78]، سبحان الله ما أكثر الفتن التي غرق فيها المسلمون عبر تاريخهم وكان رسول الله صلوات الله عليه لا يزال بين ظهرانيهم خرج في اليمن مُسَيْلمة الكذّاب وادّعى أنّه شريك النبيّ صلوات الله عليه، وكانت فتنة عظيمة قتل فيها كثيرٌ من الصحابة، وفيها قصّة تروى، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مرّ عليه يوم وهو جالسٌ في رهط (جماعة من القوم) فقال إنّ فيكم رجلاً ضرسه في النّار أعظم من جبل أحد. كان هذا الكلام إخباراً من رسول الله أنّ واحداً منهم سيكون من أهل النّار ويا له من إخبار من الصّادق المصدوق .. فماتَ القوم كلّهم على خير على الإسلام والإيمان ولم يبقَ منهم إلا أبو هريرة ورجلٌ من بني حنيفة اسمه «الرَّجّال بن عنفوة»، وكان من الذين وفدوا على رسول الله فلزِمه وتعلّم منه وحفظ القرآن والأحكام وجدّ في العبادة. يقول رافع بن خديج كان بالرَّجّال من الخشوع ولزوم قراءة القرآن والخير شيء عجيب، وقال عنه ابن عمر كان من أفضل الوفد عندنا حافظاً قواماً صواماً..وظلّ إخبار النبيّ عالقاً برأس أبي هريرة وكلّما رأى الرَّجّال بن عنفوة ومداومته على العبادة وزهده، ظنّ أنّه هالك وأنّه هو صاحب النبوءة وأصابه الرّعب، إذ ظنّ أبو هريرة أنّه المقصود بحديث النبيّ حتّى ظهر مُسيْلمة الكذّاب في اليمامة وادّعى النبوّة واتبعه خلق من أهل اليمامة.

فبعث أبو بكر الصّدّيق الرَّجّال بن عنفوة لأهل اليمامة يدعوهم إلى الله ويثبتهم على الإسلام، فلمّا وصل الرَّجّال اليمامة التقاه مُسَيْلِمة الكذّاب وأكرمه وأغراه بالمال والذّهب وعرض عليه نصف مُلْكه إذا خرج إلى النّاس وقال لهم إنّه سمع محمّداً يقول إنّ مُسَيْلِمة شريك له في النبوَّة.. ولمّا رأى الرَّجّال ما فيه مُسَيْلِمة من النّعيم وكان من فقراء العرب ضعف ونسي إيمانه وصلاته وصيامه وزهده وخرج إلى النّاس الذين كانوا يعرفون أنه من رفقاء النبي صلّى الله عليه وسلّم، فشهد أنّه سمع رسول الله يقول إنّه قد أَشْرك معه مُسَيْلِمة بن حبيب في الأمر!! فكانت فتنة الرَّجّال أشدّ من فتنة مُسَيْلِمة الكذّاب وضلّ خلق كثير بسببه، و قټل الرجال بن عنفوة مع من قتل من أتباع مُسَيْلِمة فمات على الكفر مذموماً مخذولاً ، ولمّا علم أبوهريرة خرّ ساجداً لله بعد أن أدرك أخيراً أنه قد نجا.

ولم يعرف المسلمون فتنة ألعن من فتنة مسليمة إلّا فتنة اليهودي عبد الله بن سبأ الّذي نسب الألوهة للإمام عليّ كرّم الله وجهه، هكذا كان الحال في فتنة الكذّاب والرّجّال، فكيف بحالنا عندما تنزلُ بنا فتنة الدّجّال، ولا أخالنا اليوم إلا تائهون في بلاءاتها!

ميرڤت سيوفي

m_ syoufi@hotmail.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.