«هل سمعتم ببليدا؟»
بقلم خيرالله خيرالله
افتتاحية كامل مروّة
في جريدة الحياة
عدد 3 أيلول 1948:
كلمتي هذه الى الذين يبتسمون ابتسامات صفراء عندما يسمعون بالخطر الصهيوني على لبنان، والى الجماعات المعلومة التي تشعر بأن فلسطين في الصين.
هل قرأتم أيها السادة أمس نبأ الهجوم اليهودي على بليدا؟
أتعرفون أن بليدا قرية لبنانية، وأنها مفتاح التوغّل الى الجنوب؟
هل أدركتم بعد أن الخطر الجاثم على حدودنا يستطيع أن يضربنا في الصميم في أية ساعة يشاء؟
أجل، ان ابن بيروت وطرابلس واهدن وبكفيا وزحلة ينعم بالطمأنينة في عقر داره. انه لم يضطر الى هجر بيته وأرضه كما فعل ابن بليدا وعيترون
وعديسة. انه لا يسمع دوي القنابل في الصباح والمساء. انه ينام آمناً، ولا يعرف معنى التشرد والحرمان. أجل، ان العدو بعيد عنه بضعة عشرات من الكيلومترات فلا يشعر بالحرب أو بخطرها. ولكن، أين هي العاطفة الوطنية؟ أليست بليدا قطعة من هذا الوطن الذي يزعمون أنهم يفتدونه بكل غال ونفيس؟
لقد حان الوقت لأن يشعر اللبنانيون بأن لبنان هو في خط النار، وأنه الهدف الأول للضربة الصهيونية القادمة. وهذه المعلومات الواردة من مختلف المصادر تؤكد ذلك. كما أن الضربات التي وجهها العدو الى أراضينا في أواخر أيار الماضي (مع اندلاع حرب فلسطين) وحالت الرقابة يومئذ دون التحدث عنها،
والاعتداءات التي تتكرر بصورة لا تنقطع على حدودنا، نذيرة بما يضمره العدو.
جميل أيها السادة أن نتغنّى بكياننا، وأن نتحدى السماوت السبع من أجل حدودنا. ولكن أجمل ما في ذلك أن تعربوا عن هذه العاطفة لا بالتصريحات والمقالات، بل بمشاطرة اخوانكم في هذا الكيان في السراء والضراء وحين البأس.
ان الخطر الجاثم على رأس الجنوب يحتاج الى جهد عسكري شامل لمجابهته. فاذا ما قنعنا من العاطفة الوطنيّة بالنوم على الحرير، بينما ينام ابن الجنوب على النار والحديد، فاننا نوقّع بأنفسنا صك انتحارنا وانتحار لبنان.
خيرالله خيرالله