هوامش – بقلم ميرفت سيوفي – رئيس إدارة أزمة

42

منذ نُزعت الرئاسة من الأرثوذكس ونُقلت إلى الموارنة بات موعد انتخاب رئيس للجمهوريّة منذ العام 1943 محفوفاً بأزمات تتكرّر بحدّة أكبر بفعل تداخلها مع أزمات المنطقة، ولنكون صادقين أثبتت آخر تجربة إنتخابيّة للرئيس وهي تجربة عهد الرئيس ميشال عون أنّ منشأ وأصل العيب هو فينا لا في الدّول التي تتدخّل في شؤوننا لأنّنا نحن من يستدعي هذه الدّول للتّدخّل!!

فمنذ نكبة حرب العام 1860 ومنذ نكبات الأرمن والأكراد ثمّ نكبة فلسطين ثمّ عروبة عبد النّاصر مروراً بخيمة الاجتماع بالرئيس فؤاد شهاب على حدود البقاع لأنّ سوريا لا تعترف بلبنان دولة مستقلّة، ثمّ باتّفاق القاهرة عام 1970 الذي وافق اللبنانيّون عليه ووقّعه الرّئيس شارل حلو، وصولاً إلى حرب السنتيْن التي استدرجت الاحتلال السوري في اجتماع فخم ضمّ إلى جانب الرّئيس السّوري حافظ الأسد وجوه الجبهة اللبنانيّة المسيحيّة التي ضمّت الرئيس كميل شمعون والشيخ بيار الجميّل والشيخ بشير الجميّل مناشدينه حماية المسيحيّين!

وبفضل الصراع والنّقار والخلاف اللبناني الدّائم و»تفرطع» الجميع في أحلاف مضحكة ـ مبكية إنتخابيّاً منذ افتتحت القيادات بازار مصالحها الشخصيّة منذ الاتفاق الرّباعي الإنتخابي، وصولاً إلى إقناع اللبنانيّين والأميركان والأوروبيّين بأنّ الانتخابات النيابيّة هي بوّابة التغيير لهذه الطبقة السياسيّة فأنتجت هذه الانتخابات برلماناً هزيلاً فيه «كراكوزات» التغيير واختراع الأزمات، ونفس فلول الفساد العاجزة عن انتخاب رئيس!

العيب فينا لا في الاحتلالات التي كنّا نستقوي بها منذ أيام القناصل قبل ثلاثة قرون بكلّ حروبها ومجازرها وتقسيماتها، الحلّ في أن يفرض علينا العالم صيغة حلّ لبضع عقود ثمّ تعديلها بحسب نجاح أو فشل التطبيق، لأنّ انتخاب رئيس ليس حلّاً، ولا تعديل قانون  الانتخاب مع كلّ انتخابات نيابيّة أو رئاسيّة هو الحلّ، لم يكن الرّئيس يوماً في لبنان لحلّ أزمة بل كان دائماً لإدارة الأزمة أو هو الأزمة بعينها!

إنتخاب الرّئيس ليس الحلّ، بل الحلّ في إخضاع لبنان لعمليّة «فرمتة» تغيّره من شروشه، ومعه اتفاق الطّائف المليء بالأفخاخ والثّقوب والخدع وعدم الوضوح وترك نصوص مبهمة وكلّه مقصود لإغراق السّفينة اللبنانيّة والحمد لله لقد غرقت، ولو قلنا تعالواْ نبدأ من جديد تأكّدوا أنّ الجميع لن يصلوا إلى اتّفاق بل إلى حرب أهليّة! ومع هذا لا يزال الوقت اللبناني ضائعاً ومعه اللبنانيّون خصوصاً في هذه المرحلة الحرجة، مع كلّ هذا التّعطيل لا يزال البعض يعتقدُ خطأً أن الحلّ في لبنان هو انتخاب رئيس جمهوريّة، أو إجراء إنتخابات نيابيّة، أو تشكيل حكومة بالأصالة مع أنّ كلّ هذه قابلة للتعطيل والانفجار وليس فيها أيّ حلّ!

* توضيح ، كنت أسمع عن بناء متصدّع يترنّح على وشك الإنهيار، لكن الأصعب أن تشعر أن عمودك الفقري ومفاصلك يديك ورجليك وأصابعك العشرين كلّها أن تظنّ أنّك تنهض من سريرك فتسقط عليه مرات متتالية وإذا أفلحت في النهوض والمشي صارت باطن قدميك الذي يلامس الأرض تضربه كهرباء تصعق رقبتك، 360 سُلامة (مفصل) في جسد كلّ إنسان، ليس فيها سُلامة واحدة لا تؤلمني.. يا جماعة أشعر أنني بلغتُ التسعين وأنا ما زلت في أولى خطوات الستين ولكن على حدّ السكّين، فاعذروني عن الأيام التي أتغيّت قسراً عنكم.

ميرڤت سيوفي

m _ syoufi@hotmail.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.