شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – ليست برسم الانهيار: إنها دولة منهارة فعلاً

36

تكفيك بضعُ دقائق، اذ تغادر بيتك، لتتبين كم أن هذه الدولة منهارة، فلم يبقَ فيها أي معلَمٍ من معالم السلطة المتعارَف عليها في الدساتير والقوانين والأنظمة. حتى أن الانتقال في السيارة، ولو لوقتٍ قصير جداً، يعطيك الدليل القاطع على أنك تعيش في غابة مشرّعة على المخاطر جرّاء الفوضى التي نحن على يقين أن لا مثيل لها في أي بلد آخر من بلدان المعمورة بزواياها الأربع، ولا حتى في أكثر مناطق العالم تخلّفاً… أصلاً، هل ثمة مَن هم يغوصون في التخلف أكثر من اللبنانيين؟!.

ونود أن نشير الى أننا لا نقصد مقاييس الحرب والسلم، فهذه تحصيل حاصل. ولا سرقة أموال اللبنانيين في المصارف ثم فرض رسوم باهظة على الأموال المنهوبة، فهذه مأساة موجعة. ولا الفلتان الأخلاقي الذي بلغ ذروته من دون أي حدود أو قِيَمٍ، فهذه كارثة تهدّد آخر ما تبقى من المفهوم العائلي الذي كان أساساً متيناً لحياتنا الإنسانية والاجتماعية. ولا نتحدث عن بلد الرأس المقطوع فانتخاب رئيس للجمهورية بات من رابع المستحيلات، ولا الحكومة البتراء (وهي أولاً وآخراً حكومة تصريف أعمال لا تتمتع بثقة السلطة التشريعية)، ولا مجلس النواب الذي لم يعرف لبنان في تاريخه، منذ الانتداب الى اليوم، مجلساً يوازيه غروباً عن الساحة… فهذه يبدو نافلاً ترداد الكلام فيها. ولا نتناول الأقساط المدرسية والجامعية اذ تفوق قيمة القسط عن التلميذ الواحد المدخولَ المالي السنوي كلَّه لرب الأسرة، فهذه يتألّم منها أرباب الأُسَر في أكثريتهم الساحقة(…).

أجل لا نتحدث عن تلك والكثير غيرها حيث نبحث عبثاً بالسراج والفتيلة عن دور، ولو شكلي، للدولة فلا نجد لها طيفاً… فقط نود أن نشير الى الكهرباء التي غابت غياب (ونوم) أهل الكهف، وعندما تبحث عن السبب تكتشف أن لا وجود لهذه الدولة المهضومة، بينما يختنق اللبنانيون بالأكسدة التي تنفثها عوادم المولّدات من دون حسيب أو رقيب، بعد أن فرضت ميليشيا هذه المولدات مشيئتها وإرادتها وتمادت في غيها وإفراغها جيوب الناس، وهي التي يعرف القاصي والداني من هم أصحابها الفعليون أو، على الأقل، شركاؤها وحُماتُها من أهل النفوذ والسلبطة وممتهني اللصوصية والفساد، وبينهم رسميون و «بلديون»… والأنكى أنك عندما تقول بخصخصة هذا القطاع الحيوي، ترتفع العقيرة احتجاجاً واعتراضاً وتهديداً ووعيداً …

فيا أولاد الأحِبّا، ماذا تسمّون الهيمنة ومشيئة عصابات المولدات؟ وهل هي في نظركم قطاع عام؟

khalilelkhoury@elshark.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.