رأي –  الى  زينة سلامة  في رحلتها الأخيرة

32

بقلم سليمان أصفهاني

(حبيبي انت بتعرف انك غير كل العالم) آخر رسالة نصية وصلتني من السفيرة الراحل زينة سلامة التي كنت أطلب منها الدعاء والصلاة والتمسك بالحياة واتوسلها أن لا تجرحني برحيلها عن هذه الارض بعد علاقة طويلة من الصداقة والاخوة دامت لسنوات، قبل أن يداهم جسدها المرض اللعين ويسرق بريق عينيها من عالمي وعالم كل من أحبها بلا مصلحة او غايات خبيثة لم تكن الفقيد تريد أن تصدقها حتى وقعت الواقعة ووجدت قلة من حولها في لحظات قاسية لم يتحملها جسدها رغم قوتها وعزيمتها في الحياة.  عرفتها حين كانت في بداية سنوات المراهقة وبعدها لم أرها لسنوات قبل ان تصادف اسمي في مجلة نادين داخل صالون لتصفيف الشعر وتطلب رقم هاتفي وتتواصل معي كي أحقق لها أحلام كثيرة نابضة في داخلها، وبالفعل التقينا في مقهى بقلب العاصمة بيروت واتفقنا على تأسيس جمعية خيرية تعنى بأطفال التوحد هي Z Foundation ومن ثم قمنا بجولات شملت قسم الاطفال مرضى السرطان في مستشفى الروم ودار الايتام الاسلامية ومدرسة غدي للتوحد وجمعية نسروتو في زحلة إضافة الى مؤسسات أخرى قررت زينة أن تدعمها من جيبها الخاص حباً بعمل الخير وعشقاً للعطاء. مرت سنة وحصل ترشيحها من قبل منظمة إمسام العضو الدائم في المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الامم المتحدة للحصول على جواز سفر ديبلوماسي وبعدها نالت عدداً من الالقاب من مؤسسات عربية ودولية وبدأت مرحلة تطوير الاداء بالتعاون مع فريق عمل محترف بغية الوصول الى أهداف تريدها زينة حتى لو على حساب راحتها من أجل الفقراء والمرضى والمسنين. رحلة العطاء والتأسيس بيني وبين زينة سلامة اصطدمت بعد عودتنا من الامارات العربية المتحدة الى لبنان بمجموعة من (أولاد الحرام) الذين سعوا الى قطف ما زرعته انا وتوجيه سلامة نحو سبل أخرى وهذا ما حصل فعلاً بقينا انا وهي أصدقاء أما  العمل والجهد فقد تلاشى لان من تعاونت معهم كان هدفهم الربح المالي وليس تحقيق أحلامها وهذا ما لمسته قبل أشهر من إصابتها بمرض السرطان واجتمعنا من جديد في منزلها بحضور والدتها وكان الحديث يصب في خانة إعادة Z Foundation الى الواجهة وإفتتاح مكتب رسمي لها بالتعاون مع إمسام لاعانة الفقراء، لكن بعد أيام تبين أن المرض هاجم زينة الطيبة بكل صفاتها وذهبت الى المستشفى ومن هذا الوقت لم أعد أراها الا عبر التليفون للاطمئنان عليها وهي في أوج صراعها مع داء لا يرحم ورغم الاوجاع كانت مؤمنة أن الله لن يتخلى عنها. رحلت زينة فجأة عن عالمي رغم انها وعدتني انها لن تجرحني بغيابها لكنها فعلت وتركت خلفها جرحاً عميقاً في نفس أحبتها .

لها الرحمة والجنة وكل الذكريات الجميلة التي جمعتنا .. أساساً لم أصدق بعد أنني لن أراها أو سأتلقى اتصالاً منها، رحيلها يتجاوز الاستيعاب .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.