كتبت: تيريز القسيس صعب
الشرق – نجحت الجهود والضغوط الديبلوماسية لاسيما الاميركية والفرنسية على ثني إسرائيل من استهداف او قصف بيروت والمناطق الاهلية في ضواحيها، إلا أنها لم تفلح حتى الساعة في تجنيب اي رد اسرائيلي على حادثة مجدل شمس في الجولان السوري. وفي انتظار ما ستؤول إليه نتيجة الاتصالات النشطة على أكثر من صعيد واتجاه، يبقى الترقب والمتابعة سيدا الساحة، ولعل الساعات المقبلة تحمل حلولا ما أو تصعيدا يشفي غليل إسرائيل المربكة والمحتارة في طريقة الرد. وفي موقف لافت لمرجع ديبلوماسي في نيويورك أكد ان اي فتيل او شرارة لاحتمال اندلاع حرب موسعة في المنطقة لن تكون تداعياتها سلبية على دول منطقة الشرق التوسط فحسب، بل ستطال شراراتها الاستحقاقات الدولية المقبلة وبشكل خاص المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، المفاوضات حول صفقة الاسرى المتعثرة حاليا، والانتخابات الاميركية المقبلة في تشرين المقبل. وقال المرجع الذي لم يرغب بذكر اسمه في اتصال مع «الشرق»: على الرغم من التمديد سنة اضافية لقوات الطوارئ الدولية الذي سيحصل خلال الساعات المقبلة في الامم المتحدة، فإن هذا الامر شكل محطة مهمة وملحة من قبل المجتمع الدولي نظرا لأهمية وجود القبعات الزرق في هذه الفترة الحساسة والدقيقة التي تمر بها منطقة الجنوب وتحديدا المنطقة الحدودية مع إسرائيل.
فما تشهده المنطقة الجنوبية اللبنانية من تصعيد مكثف وتدمير غير مسبوق قد ينعكس بشكل سلبي ليس على منطقة الشرق الاوسط بل على كل الجهود الديبلوماسية القائمة اليوم لتوسيع رقعة الاعتداءات الاسرائيلية. في المقابل يرى متابعون عسكريون امميون لتطورات الاوضاع الميدانية ان أي «مغامرات» عسكرية جديدة في لبنان قد تؤدي إلى «تداعيات غير متوقعة»، وذلك بعد الضربة الصاروخية على الجولان.
وهذا الامر قد يؤدي إلى عدم الاستقرار وعدم الأمن والحرب في المنطقة.
الا ان تجنيب توسيع الحرب يعتمد بالدرجة الاولى على الوضع في غزة وعلى الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وعودة الرهائن الإسرائيليين حيث يمكن أن يساعد ذلك في تهدئة التوترات في جنوب لبنان. ويبدو بحسب المعلومات والمعطيات المتوفرة أن المفاوضات القائمة حول صفقة الاسرى عادت إلى المربع الأول لا بل جمدت حاليا بعد حادث مجدل شمس، على الرغم من ان إسرائيل تقول انها تسعى إلى التوصل الى تسوية ديبلوماسية من شأنها أن تعيد الأمن إلى شمال البلاد، لكن حكومة نتانياهو تعمل عكس ذلك وتستعد لاحراز هجوم عسكري على الحدود اللبنانية الاسرائيلية. في المقابل فإن الديبلوماسية الاميركية جندت كل طاقاتها واتصالاتها خلال الساعات الماضية لتجنيب توسيع ضربة عسكرية على لبنان، ومارست اقصى الضغوط مع الجانب الاسرائيلي لاستبعاد اي توسعة للحرب مع لبنان، في حين ان الديبلوماسية الفرنسية ايضا أدارت عجلاتها وأجرى الرئيس الفرنسي اتصالا هاتفيا مع الرئيس الايراني لنفس الهدف. وكشف مرجع ديبلوماسي في واشنطن ان الاتصالات الديبلوماسية نجحت إلى حد ما في لجم اي اعتداء كبير في المنطقة، وان حظوظ التوصل إلى تفاهمات بين إسرائيل ولبنان (حزب الله) ليس بالأمر المستحيل والذي قد يخفف من دوافع الصراع القائم ويوصل إلى ترسيم حدود برية بين لبنان واسرائيل.