بعد «مجزرة مجدل شمس»: البحث بإنهاء الحرب تجاوز ما قال به القرار 1701!
طوني جبران
الشرق – كشفت مصادر واسعة الاطلاع ان خلف الحراك الديبلوماسي الجاري على أكثر من مستوى ولا سيما تلك الحملات التي اتخذت من واشنطن مسرحا لها، مجموعة من المخاوف التي تحدثت عن امكان انفجار الوضع في المنطقة ولا سيما في جنوب لبنان في اي لحظة وخصوصا إن أخطأ أحد الطرفين وارتكب عملية ما، يمكن ان تؤدي الى اشعال الجبهات الملتهبة أصلا الى الذروة التي حذر منها الجميع بدون استثناء، سواء تم ذلك عن قصد او غير قصد. وقالت هذه المصادر ان هذه المعلومات تسربت على هامش اللقاءات التي شهدتها مباني الكونغرس الاميركي والبيت الابيض ومقرات المخابرات المركزية والامن القومي وحيثما وطأت ارجل رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو .
وفي قراءتها لهذه المعادلة، أضافت هذه المصادر بوجوهها السياسية والديبلوماسية والعسكرية ان بعضا مما تسرب منذ أيام قليلة يوحي بالأسوا. وخصوصا عندما تم الربط في الاوساط الاميركية والاقليمية والدولية بين ما هو محتمل و»الصمت المدوي» لنتنياهو تجاه الموقف الاميركي المتقدم الذي حمله الكثير من المسؤوليات تجاه ما حصل حتى اليوم، والتأخير في التوصل الى وقف لاطلاق النار وفتح الطرق المؤدية الى ادخال المساعدات الانسانية الى غزة. علما ان الادارة الاميركية لم تتردد في الوقوف الى جانبه ودعمه بكل أنواع الأسلحة ما عدا الحظر الذي فرض مؤخرا على أنواع محددة من الصواريخ الثقيلة التي يمكن ان يستخدمها الجيش الاسرائيلي في المناطق السكنية سواء كما جرى في قطاع غزة من قبل، أو في لبنان ان اندلعت الحرب الى جانب رفضها قرارات محكمتي العدل والجنائية الدولية تجاه اسرائيل واي موقف دولي دان معظم ما جرى في مخيمات القطاع والمراكز الانسانية والطبية والتربوية والأمنية ومراكز الإيواء والفرق الانسانية الدولية طيلة الأشهر التسعة الماضية.
وفي موازاة هذه الملاحظات وما حملته من مفارقات، فان احتفاظ نتنياهو بصمته تجاه الانتقادات الاميركية وخصوصا تلك التي وجهها الرئيس جو بايدن ونائبته كامالا هاريس بدأ يقاس قبل ايام قليلة بمعايير مختلفة قادت الى الخوف من اي حدث مأساوي. قد يعطي نتنياهو حجة ومبررا للرد عليها بخطوات إسرائيلية قد تجعله متفلتا من كل هذه الضوابط والملاحظات.
ولذلك، توجهت الانظار الى ما يمكن ان يرتكبه اي من طرفي الصراع من خطأ قد يكون مميتا، إلى ان وقعت الواقعة أمس في مدينة مجدل شمس على ساحة الجولان البعيدة عن محاور القتال المباشر ان على الجبهة الشمالية مع لبنان او في غلاف قطاع غزة. ولذلك ارتفع منسوب القلق الى اعلى المستويات المحتملة وخصوصا ان التهمة وجهت مباشرة الى «حزب الله» قبل اي فصيل آخر. وجاءت التدابير الاسرائيلية العاجلة والتي قادت نتنياهو الى قطع زيارته الى الولايات المتحدة الاميركية وحال الاستنفار التي اعلنت على مستوى مختلف الاسلحة الاسرائيلية لتتسبب بحملة ديبلوماسية دولية وإقليمية غير مسبوقة بين العواصم المعنية بالاحداث في محاولة استباقية لتجنب اي رد فعل اسرائيلي محتمل وخصوصا ان ثبتت التهمة بان الصاروخ او المسيرة التي بلغت المدينة الدرزية في عمق الجولان السوري المحتل كانت من لبنان .
وعلى وقع مجموعة التصريحات والبيانات التي أعلنها حزب الله نافيا مسؤوليته على العملية، فقد انتشرت التهمة الموجهة اليه، في العالم كالنار في الهشيم محملة الحزب مسؤولية ما حصل. والى جانب الاهتمام الدولي بما حصل في مجدل شمس عشية اللقاء المنتظر اليوم في روما ما بين من يمثل واشنطن والدوحة والقاهرة وتل ابيب، شهدت بيروت حركة مشاورات عاجلة على اكثر من مستوى شارك فيها سفراء مجموعة كبيرة من الدول المعنية بالوضع في الجنوب للبحث في ما يمكن القيام به من اجل تدارك الاسوأ ليس على المستوى الإقليمي فحسب. فالجريمة التي ارتكبت في أكبر مدينة درزية في الجولان المحتل مجدل شمس جاءت في أسوأ توقيت تعيشه العلاقات بين دروز لبنان وما بينهم ودروز اسرائيل المنغمسين في الحرب الى جانب نتنياهو. وهو ما دفع بالحكومة اللبنانية الى اصدار بيان دان فيه التعرض للمدنيين دون ان يسمي المدينة السورية المحتلة المستهدفة في محاولة للتبرؤ من العمل ان ثبت ان «حزب الله» قام بها وتجنيب لبنان الرسمي والمنشآت الحيوية اللبنانية من اي ضربة إسرائيلية.
وعليه، اضافت المصادر عينها، بان الايام وربما الساعات المقبلة قد تحمل اولى المؤشرات التي يمكن ان تأتي بها التطورات المقبلة. وهي التي يمكن ان تدرج على لائحة المفاجآت المحتملة، ذلك ان كل شيء وارد. على الرغم من اعتبار ما حصل لم يشكل مشهدا جديدا ان ادى الصاروخ الغامض إلى قتل عدد من الأطفال فالصور اليومية التي نقلت من غزة كان يمكن ان تقود الى ما لا يحمد عقباه لو ارتكبها اي جيش في العالم غير الجيش الإسرائيلي. فلائحة مجازره التي ارتكبت بدءا من من مجزرة مستشفى المعمداني اولى الجرائم الدولية ضد الانسانية مع بداية العدوان على غزة ومن بعدها مجازر مستشفى الشفاء ونظيراتها ومعها تلك التي استهدفت مراكز الاونروا وفريق المطبخ العالمي وصولا الى مجزرة مخيم النصيرات التي رافقت الإفراج عن عدد من الاسرى الاسرائيليين لم تلق الرد الذي تهدد به اسرائيل بعد مجزرة مجدل شمس.
والى ان تنجلي الامور لا يمكن لاي مرجع سياسي او امني ان يقدر ما يمكن ان تقود إليه العملية في مجدل شمس وسط خيارات متناقضة بين من يقول انها قد تكون «جريمة عابرة» ان نجحت الضغوط الأميركية والغربية بلجم اسرائيل او ان تكون فتيلا لما يحكى عن عدوان مرتقب ضد لبنان بعدما تمادى الحزب في تجاهله للنصائح الدولية منذ ان فجر الوضع في الجنوب مبررا ما حصل بأنه رد استباقي لعملية عسكرية قد تكون معدة ضد لبنان وهو ما لم يشاركه أحد في هذه التوقعات. وخصوصا من قبل اولئك الذين يخشون ان تصح توقعاتهم بتسوية بعض المناطق اللبنانية بما جرى في غزة وان الايام وربما الساعات المقبلة كفيلة بان تؤكد صحة هذه التوقعات من عدمها.
وبناء على ما تقدم تنتهي المصادر الديبلوماسية والسياسية والعسكرية لتقول ان انهاء ما حصل لم يعد مرتبطا بتطبيق القرار 1701، بعدما تحولت مثل هذه الحلول الى نوع من مواجهة «عوارض السرطان» بالبنادول -كما نقل عن أحد الديبلوماسيين الفاعلين في لبنان – وان الحل في مكان آخر.