مدى إمكانية انهيار الاتفاق الأولي مع صندوق النقد الدَّوْليّ؟ (1)
المحامي د. إبراهيم العرب
إنّ أبرز الإصلاحات الضرورية التي تضمنها الاتفاق الأولي الذي عقد على مستوى الخبراء بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدَّوْليّ في نيسان 2022 تشمل ما يلي:
- إعادة هيكلة القطاع المالي من خلال استعادة قدرة المصارف على البقاء والعمل بكفاءة لتخصيص الموارد لدعم التعافي الاقتصادي.
- إجراء الإصلاحات المالية وإعادة هيكلة الدين الخارجي لضمان استدامة الدين وخلق مساحة للاستثمار في الإنفاق الاجتماعي وإعادة إعمار البنية التحتية.
- إعادة هيكلة المؤسسات المملوكة للدولة، خاصة في قطاع الطاقة، لتوفير خدمات عالية الجودة دون استنزاف الموارد العامة.
- تعزيز الحوكمة ومكافحة الفساد وغسل الأموال/مكافحة الإرهاب (AML/CFT) لتعزيز الشفافية والمساءلة بواسطة تحديث الإطار القانوني للبنك المركزي والحوكمة وترتيبات المساءلة.
- إنشاء نظام نقدي شفاف يتميز بالصدقية والشفافية لدعم استقرار الاقتصاد.
- تحسين المالية العامة وخفض الدين العام من طريق زيادة الإيرادات وتدابير الإصلاح الإداري، التي باتت ضرورية لتنفيذ استراتيجية إعادة هيكلة المصارف واستعادة صحة القطاع المالي لدعم النمو.
- تقييم مدعوم خارجيًا لأكبر 14 بنكًا بواسطة توقيع الشروط المرجعية مع شركة دولية مرموقة لتقييم كل مَصْرِف على حدة.
- مراجعة قانون السرية المصرفية لتعديل القانون ليطابق المعايير الدولية لمحاربة الفساد، وإزالة العوائق أمام هيكلة فعالة للقطاع المصرفي.
- تدقيق الأصول الأجنبية لمصرف لبنان لبدء تحسين شفافية هذه المؤسسة الرئيسية.
- وضع استراتيجية متوسطة المدى لإعادة هيكلة المالية العامة والديون، بعد موافقة مجلس الوزراء عليها لاستعادة القدرة على تحمل الديون وغرس الصدقية في السياسات الاقتصادية، وخلق حيّز مالي للإنفاق الاجتماعي وإعادة الإعمار.
- إقرار قانون موازنة العام الجديد، ذلك أن موافقة مجلس النواب على الموازنة ضرورية لبدء استعادة المساءلة المالية.
- توحيد أسعار الصرف، حيث يجب توحيد مَصْرِف لبنان لأسعار الصرف عمليات الحساب الجاري المصرح بها لتعزيز النشاط الاقتصادي، واستعادة الصدقية والقدرة الخارجية، مدعومة بتطبيق ضوابط رسمية على رأس المال.
أولًا: ملاحظات صندوق النقد الدَّوْليّ على مسار الاتفاق:
لقد أشار صندوق النقد الدَّوْليّ في شهر أيار المنصرم إلى أن التدابير السياسية التي اتخذها لبنان حتى الآن لا ترقى إلى المستوى المطلوب لتمكينه من التعافي من الأزمة الاقتصادية. وأبرز ملاحظات الصندوق كانت على النحو التالي:
- الودائع المصرفية المجمدة
لا تزل ودائع البنوك مجمدة، مما يعيق القطاع المصرفي من توفير الائتمان اللازم للاقتصاد.
- انعدام الحلّ للأزمة المصرفية
لقد فشلت الحكومة وكذلك البرلمان في إيجاد حل للأزمة المصرفية، مما يعوق التعافي الاقتصادي.
- غياب المعالجة لخسائر البنوك
هنالك حاجة إلى الإسراع في معالجة خسائر البنوك مع حماية صغار المودعين إلى أقصى حدّ ممكن، والحدّ من اللجوء إلى الموارد العامة الشحيحة بطريقة موثوقة ومجدية ماليًا.
- نمو الاقتصاد النقدي وغير النظامي
دون إحراز أي تقدم في الإصلاحات، سيستمر الاقتصاد النقدي وغير النظامي في النمو، مما يثير مخاوف تنظيمية ورقابية كبيرة.
- غياب الشفافية في القطاع العام
هنالك حاجة إلى اتخاذ تدابير لزيادة الشفافية، بما في ذلك في البيانات المالية المدققة للمؤسسات العامة.
- وجوب اعتماد إصلاحات أوسع للمؤسسات العامة
هنالك ضرورة لتنفيذ إصلاحات على نطاق أوسع لتحسين أداء المؤسسات العامة.
- وجود الضعف في جودة البيانات الاقتصادية
إن ضعف جودة البيانات الاقتصادية والنقص في توافرها بالوقت المناسب يُشكّل تحدّياً أمام صنع السياسات المستنيرة.
ثانيًا: الأسباب التي قد تؤدي إلى انهيار الاتفاق الأولي مع صندوق النقد الدَّوْليّ:
1.عدم إقرار قانون الكابيتال كونترول
لم يمرّّ قانون الكابيتال كونترول بعد، وأغلب مواضيعه باتت محصورة اليوم للأسف بالقيود على الاستيراد.
- عدم كفاية تعديلات قانون السرية المصرفية
إن التعديلات على قانون السريّة المصرفية لا تراعي ما طلبه الصندوق.
- عدم إقرار قانون هيكلة المصارف
لم يتم إقرار قانون لإعادة هيكلة المصارف بعد، لوجود صراع بين «فريق المصارف» و«فريق الصندوق» حيث يتواجد لكل منهما نَظْرَة مختلفة للموضوع، لجهة كيفية توزيع الخسائر وإعادة هيكلة «الدولة» التي كان القطاع المالي ركنًا أساسيًا فيها ومحركًا للنشاط السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
- ضعف القيادة السياسية
لا إمكانية حقيقية لإجراء الإصلاحات المطلوبة لعدم وجود رئيس للجمهورية، ولا حكومة مكتملة الصلاحيات، إنما حكومة تصريف أعمال، ولأن المجلس النيابي شبه معطّل، وقد مضى أكثر من عامين على الاتفاق الأوّلي مع صندوق النقد من دون تحقيق أي تقدّم ملموس في مسار تنفيذ ما اتُّفق عليه مع الصندوق؛ لا بل بات الاتفاق الأولي برمته غير صالحٍ للوصول إلى اتفاق نهائي، ما يعني أنه بات بحاجة إلى تعديلات جذرية.
- غياب الإصلاحات الجدية في قانون الموازنة
يتبع غداً
د. إبراهيم العرب