شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – انتخابات البرلمان الأوروبي «بروفا» رئاسية فرنسية

43

كأنه كان ينقص إيمانويل ماكرون هذا الاستحقاق الأوروبي/ الداخلي الداهم ليزداد قلقه على مصيره السياسي المهزوز أساساً تحت سلسلة من النكسات المتعاقبة التي مُني بها منذ ولايته السابقة وبلغت ذروتها في هذه المرحلة التي تبدو فيها فرنسا تحت سيل من النكسات، من أفريقيا الى الشرق الأوسط. فمع بدء انتخابات البرلمان الأوروبي في الدول الأعضاء (يأتي دور فرنسا بعد غد في التاسع من حزيران الجاري لانتخاب 81 نائباً أوروبياً من أصل 720) أجمعت مؤسّسات استطلاع الرأي على أن شعبية يمين الوسط، وماكرون من أبرز وجوهه، قد تراجعت كثيراً، ونسبة الـ 23 في المئة في انتخابات 2019 لن تتخطّى الـ15 في المئة هذه الدورة.

وفي حين لا يُتوقّع أن تتجاوز نسبة المشاركين الفرنسيين في الاقتراع الخمسين في المئة من مجموع المسجَّلين، فإن الذين لن يشاركوا سيكون معظمهم من أحزاب الاعتدال، مع ترجيح إقبال كبير من أقصى اليمين وأقصى اليسار. وقد أثبتت وقائع الأشهر والأسابيع الأخيرة عدم قدرة الرئيس الفرنسي على تجييش الأنصار، والعكس صحيح.

طبعاً ستكون حرب أوكرانيا والحرب على غزة ماثلتين، في الانتخابات الأوروبية، وفرنسا في الطليعة بهذا الموضوع… (شكّل أقصى اليسار الفرنسي لائحة «فرنسا الأبية» التي تضم بين أعضائها الناشطة في مضمار حقوق الإنسان ابنة الثلاثين عاماً السيدة ديما حسان وهي فلسطينية الأصل تحمل الهوية السورية من مواليد أحد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في ريف حلب، ومعروف عنها أنها قادت التظاهرات الصاخبة في باريس وضواحيها دعماً لغزة ضد العدوان الاسرائيلي الوحشي على القطاع…) إلا أن اهتمام الناخبين، كما أبرزته استطلاعات الرأي، يتجه الى الشؤون الداخلية في البلدان الأوروبية كلها، وفي فرنسا بصورة خاصة، إضافة الى ما بات يُعرف بِـ «الهم المصيري» الذي يركز عليه اليمين وبالتحديد ملف المهاجرين من بلدان العالم الثالث وبخاصة من الشرق الأوسط.

والانتخابات الأوروبية تُجرى على أساس النسبية، ما يعني اختبار قوة للأحزاب كافة فتتبين قدرات كل فريق على تجييش المناصرين. والاستفتاءات، كما استطلاعات الرأي، تجمع على أن أقصى اليمين، بقيادة ماريون ماريشال وحلفائها، علماً أنها ابنة شقيقة ماريون لوبان الشهيرة، ستحصد نحو 41 في المئة من مجموع المقترعين الفرنسيين، وهو رقم كبير على مستوى الديموقراطية الأوروبية الغربية عموماً، فيما يتراجع يمين الوسط من 23 في المئة في الانتخابات الأخيرة الى 15 في المئة، كما أسلفنا أعلاه.

باختصار، إن هذه الدورة من انتخابات البرلمان الأوروبي تمثّل، بامتياز، «بروفا» عن انتخابات الرئاسة الفرنسية، ولو بعد ثلاث سنوات من اليوم.

khalilelkhoury@elshark.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.