انفلاش الرغبة في الشهرة

43

بقلم مروان اسكندر

كل من يراقب مجرى الاحداث في لبنان يدرك ان اللبنانيين الذين كانوا دائمًا يرغبون في الشهرة والاقرار بمواهبهم تفجرت طاقاتهم لتأسيس جمعيات من مختلف الطوائف لتولج نشاطات تعتبر من اعمال الخير كثير منها يمهد لتوسيع الشهرة وهذه النزعة واضحة لدى السيدات اكثر مما هي منتشرة لدى الرجال.

في خضم البحث عن وسائل استمرار الشهرة وتوسيعها بدأنا نشاهد ادعاءات لا ترتكز الى قواعد صلبة وهذا الامر يزيد من البحث عن الذات لمن اصبحوا يشعرون بانهم مهملين او منسيين، وموجة حب الظهور وادعاء تولج مسؤوليات في مجالات الصحة والتغذية والعنايات وكفاية توافر المنتجات للمعوزين اصبحت اعمال المساعدة والمساندة عرضة للتشكيك العقلاني والضميري.

لنأخذ مثلاً حول تشابك ادعاءات المسؤولين وبصورة خاصة المعنيين بأمور حيوية ومن اهمها توافر الكهرباء باكلاف معقولة.

لقد بادر وزير الاقتصاد مشكورًا الى مباحثة القطريين حول انجاز محطة لامتصاص الطاقة من الهواء التي قد تتوافر خلال مواسم معينة من السنة في مناطق في لبنان، وهذا الاهتمام المتأخر لوزير الطاقة اراد منه ان يعبر عن اهتمامه باكتساب مصادر الطاقة البديلة الاقل مساهمة في تلويث البيئة والاوفر كلفة، وهذا الاهتمام كان تبدى من مهندس شاب ورفاقه منذ ثلاث سنوات وتأخرت مساعيهم بسبب عراقيل اذونات الوزارة المسؤولة عن شؤون الطاقة.

نعم دون نغمة اهتمامات وزير الطاقة وانتقاده لمساعي وزير الاقتصاد كان اللبنانيون يعملون على توسيع شبكات الاستفادة من الالواح التي تحفظ الحرارة الشمسية ولاجل اعلام وزير الطاقة اصبح لبنان يتمتع منذ نهاية عام 2023 بطاقة  انتاجية لتوفير الكهرباء على مستوى 300 ميغاواط – اوقات ظهور الشمس – وبنهاية 2024 يكون لبنان قد حصل على ما يكفي 60% من حاجات الكهرباء من شبكات هذه الالواح الزجاجية.

بالمناسبة ودون معرفة بوزير الاقتصاد ووزير الطاقة نشهد كمواطنين جهود كبيرة لوزير الاقتصاد وكانت هنالك لاسباب سياسية مبادرات لتقليص دور وزير الاقتصاد لكن جهوده كانت واضحة ومفيدة في حين توافر الطاقة عبر الشبكة الحكومية تراجع الى مستوى 300 او 400 ميغاواط في احسن الاحوال.

من اجل مقارنة جهود وتصريحات الوزيرين لا بد من لفت نظر وزير الطاقة ان افضل انجاز حققه لبنان بتوجه مؤسساته التعليمية والصحية والحاجات المنزلية من شراء وتركيب الالواح الزجاجية المطلوبة، ويمكن مشاهدتها في منطقة الاشرفية وحدها على سطوح مستشفى الاوتيل ديو ومستشفى القديس جاورجيوس ومدرسة الثلاثة اقمار والتي وسعت اعتمادها على الطاقة الشمسية مؤخرًا.

لقد اظهرنا في مقالاتنا على مدى 20 عامًا الحاجة الملحة لضبط عجز الكهرباء ولم نشهد جهودًا حقيقية لتحسين شبكة الانتاج والتوزيع. ولا شك ان ديون تامين الفيول لمحطات الكهرباء كان السبب الاساسي لارتفاع عجز مؤسسة كهرباء لبنان الى مستوى 46 مليار دولار اي النسبة الاكبر من الدين العام المترصد.

منذ شهر ترافقت مع نائب رئيس البنك الدولي الذي تولج رئاسة فرع البنك الدولي في لبنان لعشر سنوات انقضت منذ سنتين واكثر، وقد اصبح الرجل التونسي فريد بلحاج نائبًا لرئيس البنك الدولي عالميًا. بكلام آخر هو يتولج ثاني اهم منصب في البنك الدولي الذي تأسس منذ عام 1944 لدعم حاجات التجهيز البنيوي عالميًا.

وبسبب صداقة قديمة مع الرجل وطوال الرحلة من باريس الى لبنان تباحثنا في الشؤون اللبنانية وبصورة خاصة في ما يخص توافر الكهرباء واكلاف تأمينها بواسطة استيراد مشتقات النفط الضرورية لشبكتنا المتقادمة. ولا بد من التذكير بان الشبكة التي انجزت في التسعينات ببرامج لحكومات الرئيس رفيق الحريري امنت الكهرباء من معملين في دير عمار في الشمال والزهراني في الجنوب بطاقة 450 ميغاواط لكل معمل، واضيف للمعملين تجهيز منطقة بعلبك بمولد بطاقة 80 ميغاواط ومولد آخر في النبطية بطاقة 100 ميغاواط واصبح لبنان ينعم بالكهرباء مقابل اكلاف معقولة اسهمت في زيادتها اضافات على اسعار استيراد الفيول. وحيث ان ممارسة تلك الوسائل لاستيراد المشتقات انحصرت بضيق الموارد واجه لبنان مشكلة عالجها اللبنانيون بالتوجه الى مصادر الطاقة البديلة وقد حظي من بادروا الى ذلك الى حفظ الطاقة وضبط تلوث الجو وفي الوقت نفسه  ساهموا بوفر على صعيد توافر استيراد الفيول بلغ 800 مليون دولار

عام 2023 وسيزداد الوفر مع توسع شبكة الالواح الشمسية عام 2024 بما يساوي نصف المبلغ المشار اليه اعلاه يضاف الى توفير اكلاف الطاقة وبالتالي يصبح الوفر يساوي 1200 مليون دولار عام 2024.

نائب رئيس البنك الدولي قال لي لا ندري لماذا لم نشهد اقبال على توسيع الطاقة من الهيئة الرسمية وهو اعتبر مبادرة وزير الاقتصاد في الاتجاه الصحيح نحو تامين انجاز معمل ينتج الكهرباء من الطاقة الشمسية بقدرة 100 ميغاواط، ويرى نائب رئيس البنك الدولي، الذي عايش ظروفنا لفترة عشر سنوات حينما كان يرأس مكتب البنك الدولي في بيروت، يرى ان هنالك تقصير من وزارة الطاقة حيث لم تبذل اي جهد لمباحثة البنك الدولي في تجهيز لبنان بطاقة اضافية تعتمد الالواح الحرارية وربما بطاقة اخرى توازيها، مع احتساب انحباس الحرارة ايام الطقس الذي تغيب عنه الشمس وتتكاثف الغيوم.

ربما يجب تشجيع توجهات وزير الاقتصاد الذي هو مسؤول عن شؤون الاقتصاد اكثر من وزير الطاقة، والجميع بانتظار صدور تقرير حول شؤون الطاقة من جمعية المصارف التي تؤكد حسب تصريح مقتضب ان موضوع الودائع اساسي علمًا بان حجم الودائع انخفض بصورة ملحوظة وممارسات المصارف تجري دون توجيه عملي ومستمر من مصرف لبنان الذي اعلن ان اجراءاته ساهمت في تحقيق وفر على حساب ميزان المدفوعات وازى 800 مليون دولار. والحقيقة التي عرضناها تبين ان الوفر يعود لتجهيزات الالواح الشمسية  التي تسهم في تامين الطاقة ل300 يوم في السنة.

مروان اسكندر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.