بين المحكمة الجنائية ومحكمة العدل الدولية… ماذا ستفعل إسرائيل؟؟!!
كتب عوني الكعكي:
هناك التباس عند البعض بين مفهومي المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، مع ان الفرق واضح عند رجال القانون… ما دفع بالأمم المتحدة على نشر كيفية التمييز بين المحكمتين على موقعها الرسمي من خلال مقال توضيحي.
وقال تقرير الأمم المتحدة إنّ المحكمة الجنائية الدولية تأسّست عام 2002 لمحاكمة المتهمين بأخطر الجرائم، وضمان وصول الضحايا الى العدالة، وإجراء محاكمات عادلة، واستكمال عمل المحاكم الوطنية.
هذا، ويعتبر المتهمون أبرياء حتى تثبت إدانتهم أمام المحكمة بشكل لا يدع مجالاً لأي شك، ولكل متهم الحق في إجراءات نزيهة وعلنيّة، وللمشتبه بهم والمتهمين أمام المحكمة حقوق أساسية منها الحق في أن يتم إعلامهم بالتهم الموجهة إليهم.
وعلى ضوء التحقيقات الجارية في الجرائم الاسرائيلية التي تستهدف المدنيين في قطاع غزة ومعاقبة المسؤولين عنها، نسلط الضوء على مهام واختصاصات وصلاحيات محكمتي العدل والجنائية الدوليتين، خصوصاً أنّ المحكمتين تلاحقان إسرائيل وقادتها بانتهاكات القانون الدولي في الأراضي الفلسطينية منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر) عام 2023.
فمحكمة العدل الدولية تحقق في جرائم الإبادة الجماعية، كما تحقق المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب التي ارتكبها قادة إسرائيليون.
وعلى ضوء التحقيقات الجارية في الجرائم الاسرائيلية التي تستهدف المدنيين في قطاع غزة المحاصر، ومعاقبة المسؤولين عن هذه الجرائم المروّعة… ومن هنا نبدأ باختصاصات وصلاحيات كل من محكمتي العدل والجنائية الدوليتين كما أشرنا.
إذ بين هاتين المحكمتين يتساءل المتابعون والمراقبون… ماذا ستفعل إسرائيل؟!!
نبدأ بمحكمة العدل الدولية:
محكمة العدل الدولية هي الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة، وتتولى هذه المحكمة الفصل طبقاً لأحكام القانون الدولي في النزاعات القانونية التي تنشأ بين الدول، وتقديم آراء استشارية بشأن المسائل القانونية التي قد تحيلها أجهزة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة.
زاد الاهتمام بهذه المحكمة في كانون الثاني الماضي في أعقاب قرار جنوب أفريقيا برفع دعوى ضد إسرائيل، فيما يتصل بادعاءات الانتهاكات الاسرائيلية لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها فيما يتعلق بالفلسطينيين في قطاع غزة.
تأسّست هذه المحكمة التي يقع مقرها في لاهاي بهولندا عام 1945، كوسيلة لتسوية النزاعات بين الدول.
وهي واحدة من الأجهزة الرئيسية الستة للأمم المتحدة التي تشمل: الجمعية العامة – مجلس الأمن – المجلس الاقتصادي والاجتماعي – مجلس الوصاية والأمانة العامة.
كما انها الجهة الوحيدة من الأجهزة الستة التي لا يوجد مقرها في نيويورك.
إشارة الى ان هذه المحكمة لا تستطيع النظر في النزاع، إلاّ عندما يُطلب منها ذلك من قِبَل دولة واحدة أو أكثر.
تتألف المحكمة من 15 قاضياً، يتم انتخابهم لولاية مدتها تسع سنوات من قِبَل الجمعية العامة للأم المتحدة ومجلس الأمن، وتجري الانتخابات كل ثلاث سنوات لثلث المقاعد… ويجوز انتخاب القضاة المتقاعدين، ولا يمثّل أعضاء المحكمة حكوماتهم بل هم قضاة مستقلون.
تبدأ القضايا عندما تقوم الاطراف بتقديم المرافعات وتبادلها والتي تحتوي على بيان تفصيلي للوقائع والقانون الذي يعتمد عليه كل طرف.
وتقوم البلدان المعنية بتعيين وكيل للدفاع عن قضيتها وهو شخص يتمتع بنفس الحقوق والالتزامات التي يتمتع بها المحامي في المحاكم الوطنية.
المنتسبون لهذه المحكمة 193 دولة.
وتسعى جنوب أفريقيا الى تأسيس اختصاص المحكمة على اتفاقية الأمم المتحدة للإبادة الجماعية لعام 1948 والتي وقّعت عليها البلدان بينما ترفض إسرائيل هذه الاتهامات.
يمكن لأي دولة عضو أن ترفع دعوى ضد أي دولة عضو أخرى سواء كانت في صراع مباشر معها أم لا..
أحكام محكمة العدل الدولية نهائية… وليست هناك إمكانية للاستئناف، والأمر متروك للدول المعنية لتطبيق قرارات المحكمة. وفي معظم الأحيان تحترم التزاماتها. وإذا رفضت أي دولة الالتزام، فإنّ الحل الوحيد المتبقي هو اللجوء الى مجلس الأمن الذي يمكنه التصويت على القرار.
القاضي اللبناني نواف سلام هو الرئيس الجديد لهذه المحكمة، وهو الرئيس الـ26، انتخب لمدة 3 سنوات خلفاً للقاضية الأميركية جوان دونوغو، وهو العربي الثالث الذي يتقلد هذا المنصب فقد سبقه كل من الجزائري محمد البجاوي من عام 1994 وحتى العام 1997 والصومالي عبد القوي يوسف بين عامي 2018 و2021.
إشارة الى ان آخر خبر أصدرته هذه المحكمة الطلب من إسرائيل وقف هجومها على رفح فوراً بموافقة 13 من أعضائها مقابل 2 (المجموع 15).
ثانياً: المحكمة الجنائية الدولية:
وهي أول محكمة دولية دائمة لجرائم الحرب في العالم. تمّ تأسيسها عام 2002 بموجب معاهدة تسمّى نظام روما الأساسي لمحاسبة أولئك الذين يرتكبون أعمالاً وحشية جماعية.
رئيس هذه المحكمة والمدعي العام هو كريم أحمد خان (من مواليد 1970)، ولد في أدنبره، وهو محامٍ بريطاني متخصص في القانون الجنائي الدولي والقانون الدولي لحقوق الانسان.
يبلغ عدد أطراف هذه المحكمة 123 دولة من بينها فرنسا التي وقعت عام 1998 وصدّق طلبها عام 2002.
مقر المحكمة الجنائية في لاهاي هولندا، وقد تم تحديد اختصاصها بموجب نظامها الأساسي الذي تم التوقيع عليه في مؤتمر روما عام 1998.
هذا وتدرس واشنطن فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية بسبب أوامر الاعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين، أو انها ستنتظر حتى تُـحال القضية الى مجلس الأمن لتستعمل أميركا “الفيتو”. علماً بأنّ الولايات المتحدة أيّدت قرارات سابقة للمحكمة على الرغم من أنها ليست عضواً فيها، بما فيها تأييد مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن الحرب في أوكرانيا.
لقد صدمت أميركا من قرار المحكمة الجنائية الساعي لمحاكمة قادة إسرائيل التي تجمعها علاقات خاصة بواشنطن، حيث تعد هذه هي المرّة الأولى التي تسعى فيها المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة حليف لأميركا.
إنّ سعي المحكمة الجنائية الدولية لإصدار أوامر اعتقال بحق بنيامين نتانياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت يمكن أن يسهم في استعادة الثقة بالنظام الدولي الذي كان قد فقد جانباً كبيراً منه نتيجة التوسّع في استخدام “الفيتو”.
فقد قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان إنّ رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، يتحملان المسؤولية عن الجرائم ضد الانسانية في غزة، وإنهما متهمان بالتسبّب بمعاناة وتجويع المدنيين في غزة.
وأكد ان النقاش سيستمر أمام المحكمة الجنائية من أجل الدفاع عن الفلسطينيين ومواصلة اتهام الاسرائيليين، مبرزاً ان اتهام الفلسطينيين لن يغير من الواقع شيئاً.
المدعي العام قدّم 5 طلبات أمام الغرفة التي تنظر في مثل هذه القضايا، ويمكن أن تكون هناك مطالبة بشكل مباشر بعملية توقيف المعنيين.
الفرق بين محكمة العدل والجنائية الدوليتين:
– قضايا محكمة العدل تشمل دولاً
– المحكمة الجنائية ترفع فيها قضايا ضد أفراد بتهم ارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد
الانسانية.
– محكمة العدل هي واحدة من أجهزة الأمم المتحدة.
– الجنائية مستقلة قانوناً عن الأمم المتحدة.
– ليست دول الأمم المتحدة الـ193 كلها في الجنائية.
وبعد… فإنّ العالم كله يترقب ما ستفعله إسرائيل أمام هاتين المحكمتين وهي الدولة التي لم تلتزم يوماً بالقوانين الدولية وبقرارات الأمم المتحدة وما يتفرّع عنها.
aounikaaki@elshark.com