ميقاتي في ملتقى اتحاد المصارف العربية: هدفنا إقرار «الكابيتال كونترول» والمحافظة على أموال المودعين
الشرق – برعاية رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، افتُتح امس «ملتقى الأمن الاقتصادي العربي في ظل المتغيّرات الجيوسياسية» الذي نظّمه اتحاد المصارف العربية في فندق «فينيسيا» في بيروت، في حضور شخصيات وفاعليات محلية وعربية. وألقى ميقاتي كلمة جاء فيها: «يسعدني بداية أن أعرب عن سروري للقاء بكم مجددا، ضيوفا اعزاء، تعودون الى بيروت التي ترحب بكم وتحتضنكم بروح المحبّة والاخوة. وأُثمّنُ عالياً حضوركم اليوم، من الدول العربية الشقيقة، ومشاركتكم الكريمة في هذا الملتقى القيّم، إلى جانب مجموعة من سيّدات ورجال المال والأعمال اللبنانيين. ولا بد ايضا من توجيه الشكر والتقدير الى اتحاد المصارف العربية الذي دعا، بالتعاون مع الاتحاد الدولي للمصرفيين، الى عقد هذا الملتقى، تعبيرا عن ثقته المستمرة بلبنان وبما يختزنه هذا الوطن من طاقات تميزه بين سائر الدول وتجعله قبلة الانظار. فمهما عصفت بوطننا المحن والمصاعب، يبقى يختزن الكثير من الطاقات والقدرات والقيم والموارد البشرية والميزات الجغرافية، ما يمكنه من استعادة عافيته ومكانته وفق قدرة مجتمعه، وبتعاون اشقائه واصدقائه في العالم العربي والعالم بأسره. مرّ لبنان بمحطّات مُشرقة من الاستقرار والنمو والازدهار وبناء السلام. لكن البلد يُكابِد اليوم في مواجهة أزمات عديدة ومتداخلة، ومناخ إقليمي حافل بالتوترات والتحدّيات والتهديدات والحروب العدوانية. هذه التحديات تُرخي بثقلها على الشعب اللبناني الذي يُعاني من أزمة اقتصادية ومالية وإنسانية غير مسبوقة، ومن فقدان المقوّمات الاساسية المعنوية والمادية التي تُمكّنه من الصمود، ثم النهوض والتعافي. تكمُن أُولى التحدّيات الوطنية في شغور رئاسة الجمهورية وتَعَذُّر انتخاب رئيسٍ جديدٍ للبلاد، وما يستتبع ذلك من عدم استقرار مؤسسي وسياسي، ومِن تفاقُمٍ للأزمة الاقتصادية والمالية، وتَعَثُّر في انطلاق خِطط الإصلاح والتعافي الاقتصادي والمالي الذي يُعوِّل عليه اللبنانيون لإنقاذ البلد من الأوضاع الصعبة، وإعادة بناء الدولة والمؤسسات والأجهزة، وتعزيز دور القطاع الخاص والشركات الناشئة، وصولاً إلى استعادة الثقة، وإعادة جذب الاستثمارات الخارجية، وعودة السياحة إلى ربوعنا. انتم تعلمون ان الاستثمارات المجدية لا تكون الا من رحم الازمات التي نعيشها لهذا ادعوكم جميعا الى ان تكون لكم ثقة بهذا البلد. وتزداد التحدّيات وتتفاقم حدّتها مع استمرار احتلال إسرائيل لمساحاتٍ من أرضنا في الجنوب اللبناني، ومواصلة عدوانها واعتداءاتها وانتهاكاتها اليومية للسيادة اللبنانية، وخرقها لموجبات قرار مجلس الأمن 1701. يبقى هدفُنا العمل على تَجنُّب الانزلاق نحو حربٍ إقليمية شاملة، بموازاة ترسيخ السلم والسلام والأمن في المنطقة، وبسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل التراب، حتى الحدود المعترَف بها دولياً. ولا يفوتني هنا أن أذكُر، ومن باب التحدّيات أيضاً، موجات النزوح المتتالية التي طالتنا في لبنان عبر العقود الماضية، وتطالُ تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية كافة مظاهر الحياة في البلد. في هذا السياق، أودُّ تسجيل ارتياح لبنان للاستقرار والتطوّر والنمو ومسار بناء المستقبل في دول الخليج العربي، التي يدينُ لبنان وشعبه لها بالكثير من الشكر والامتنان، والعرفان والتقدير. كما تَعلَمُون، إن الاقتصاد اللبناني في المنطقة والعالم خدماتي بامتياز، وعلينا العمل على تطويره وجعله خدماتيا وإنتاجيا وتَنافُسيا، في ظل السعي إلى تفادي المزيد من الحروب والصراعات، وتقليص المخاطر، وتنويع الاستثمارات، وصولاً إلى الميزان التجاري الإيجابي. يُعدُّ القطاع المالي والمصرفي أحد أهم دعائم الاقتصاد اللبناني. وفيما نعمل على تعزيز الاستقرار، واستعادة الثقة، ومساعدة الأُسَر الفقيرة والمحتاجة على تعزيز قوّتها الشرائية، وإيجاد فرص عمل جديدة للشباب، فاننا نسعى إلى اعتماد نهج مالي جديد، وتجديد السياسة النقدية، والبدء بتنفيذ إستراتيجية التعافي، والتوصُّل إلى اتفاق بشأن خطة إصلاح شاملة لوضع الاقتصاد اللبناني على مسار الإنقاذ والنهوض والتعافي بالتعاون الوثيق مع المجتمع الدولي ومؤسساته، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، والجهات المانحة، والأشقاء، والأصدقاء. كذلك ألقى رئيس اتحاد الغرف اللبنانية رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق محمد شقير الكلمة الآتية: «بداية أتوجه بالتحية الى أهلنا في فلسطين وفي غزة بوجه خاص والى أهلنا في جنوب لبنان، ونسأل الله أن ينهي العدوان الإسرائيلي الغاشم وأن تنعم بلادنا وأهلها بالسلام والأمن والأمان. قبل نحو 22 عاماً ومن فندق فينيسيا، أطلقت المبادرة العربية للسلام، ومن هذا الملتقى الإقتصادي العربي الجامع ومن ذات المكان، نعود ونؤكد ضرورة تنفيذ هذه المبادرة التي ترتكز على إقامة دولتين بما يضمن حلاً عادلاً للقضية الفلسطينية. فلا يمكن الحديث عن أمن وتنمية اقتصادية عربية من دون وقف الحروب وتحقيق إستقرار مستدام، كذلك عبر إنهاء التوتر في المنطقة. وهنا لا بد من التنويه بما قامت به السعودية وإيران ببدء مرحلة جديدة من التعاون، الذي نأمل أن يمتد الى باقي دول المنطقة. لذلك، وإذا كنا نسعى لتحقيق الأمن الإقتصادي العربي فبالتأكيد فإن الدول الخليجية تشكل مرتكزاً أساسياً لهذا الهدف السامي، وعلينا جميعاً أن نكون قلباً وقالباً معها، والعمل على تشبيك القطاع الخاص العربي مع كل المشاريع الكبرى التي يتم تنفيذها في هذه الدول. أختم كلمتي بتوجيه الشكر لإتحاد المصارف العربية، لرئيسه ومجلس إدارته وأمينه العام، على كل ما يقومون به، وبشكل خاص مؤتمرنا اليوم أو المؤتمرات الأخرى، التي ما زلنا من خلالها نشعر بوجود إهتمام بالعمل العربي المشترك». من جهته، اعتبر حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري أن «أهم مفاعيل وقف تمويل الدولة من الاحتياطات إرساء استقلالية المصرف المركزي وإعادته لعمله الأساسي ولدوره في تأمين الاستقرار النقدي». ورأى أن «لتحقيق هذا الاستقرار يستخدم مصرف لبنان الأداة الوحيدة المتبقية لديه وهي السيطرة على الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية وعدم ضخّ الدولار إلاّ من خلال الدولة وخلق نوع من التوازن بين الاقتصاد المدولر والاقتصاد بالليرة اللبنانية»، مشيرًا إلى أنه «بهذه الآليات استطاع المصرف النقدي أن يزيد احتياطاته بالعملة الأجبني مليار دولار أميركي». وأكد أن «خروج لبنان من أزمته الاقتصادية العميقة يتطلب المحاسبة من خلال القضاء ووضع خطة واضحة لمعالجة أموال المودعين وإعادة بناء الاقتصاد من خلال إعادة تثبيت القطاع المصرفي وأخيراً إعادة هيكلة الدولة وبناء أجهزتها».