هل اتفاق تعاون اقتصادي ومالي بين روسيا، الصين، الهند، جنوب افريقيا وأستراليا يعوض عن دور الدولار المهتز؟

بقلم مروان اسكندر

هنالك اسباب متعددة لتقدير اكتمال اتفاقات البلدان المشار اليها والذي هو اتفاق ابتدأ اساسًا حينما توجهت سياسات الرئيس الاميركي بايدن نحو الاستحواذ على قروض من البلدان الاوروبية لاوكرانيا من اجل مواجهتها عسكريًا للهجوم الروسي على البلد المقابل لبلدان روسيا في غرب القارة الاوروبية.

هنالك بلدان تأخرت عن تقديم المعونة لاوكرانيا على مستويات المطالبات الاميركية، هذا مع العلم ان الكونغرس الاميركي لم يوافق على تخصيص 60 مليار دولار كمعونة لاوكرانيا في مجابهتها للاحتلال الروسي. ولا شك ان المطالب الاميركية من بلدان السوق الاوروبية وحتى من بلدان مفترض انها حيادية تتجاوز قدرات بعض البلدان واستعدادها لتوفير المعونة، وهنالك اسباب متعددة للتأخير في توفير المعونة.

السبب الاول الرئيسي ان كتلة الديون التي وفرها البنك المركزي الاوروبي بعد انهيار بنك ليمان في الولايات المتحدة عام 2008، والتي تتجاوز للمؤسسات المالية والصناعية مستويات كبيرة بالتريليونات الدولارات ولا يمكن زيادتها دون تعريض النظام المالي الاوروبي لاخطار انهيار سعر صرف اليورو وسعر صرف الدولار الذي لم يعد ملتزمًا بتامين اونصات الذهب التي كانت تتوافر مقابل كل 35 دولار عن كل اونصة من احتياطات الدولار عالميًا وانسحاب الولايات المتحدة من هذا الالتزام منذ عام 1971 اوجب التزام وسائل اخرى للدعم، وتحقق الامر بتقييد تعدلات اسعار العملة الاوروبية والدولار بصورة منتظمة لا تشهد تفاوتًا يفوق ال10% بين قيمة الدولار وقيمة اليورو، وفي الوقت ذاته انخفضت معدلات نمو بلدان السوق الاوروبية الى 1% وفي حالات معينة الى ارقام سلبية – اي تقلص معدلات نمو المداخيل القومية حتى مستوى الصفر اي اللا نمو.

السؤال المطروح هل تستطيع الولايات المتحدة تامين المساعدات من الدول الاوروبية واعضاء كتلة الدول العشرين الاهم واوكرانيا التي هاجر حتى تاريخه نصف عدد سكانها؟ وهل من يراجع بالفعل اسباب الحرب التي اعلنتها روسيا؟ معلوم ان بوتين، الذي جددت ولايته مؤخرًا، خاطب المجتمع الاوروبي بصورة خاصة في الاجتماعات

السنوية، التي تعقد في المانيا للبحث في توفير السلام، وكان الرئيس الروسي يتمنى في اجتماعات السنوات الثلاث الاخيرة امتناع الدول الغربية عن تامين الصواريخ المتوسطة المدى لاوكرانيا حيث ان المناطق الاوكرانية في شرق البلاد لا تبعد سوى بضعة اميال عن مناطق آهلة وصناعية في روسيا، فلم يلق جوابًا وقد اضطر للحفاظ على قدرات بلاده الى اللجوء للحرب التي ادت حتى تاريخه الى تعريض النظام المالي العالمي. فالمساعدات لاوكرانيا بعشرات المليارات، في الوقت الذي هاجر نصف السكان من اوكرانيا. وبالمناسبة تجدر الاشارة الى ان 40% من سكان اوكرانيا هم من اصل روسي ويتكلمون الروسية وفي الوت ذاته والد ووالدة الرئيس الاوكراني اختارا شراء فيلا باذخة في جنوب فرنسا لقضاء عطلة في مكان جذاب.

نعود الى بحث تقييم قدرات روسيا، والهند، والصين، وجنوب افريقيا وأستراليا على الصمود اقتصاديًا وتحقيق معدلات نمو واعدة في الجو المشحون حاليًا والذي يهدد مستقبل النظام المالي العالمي، هذا اذا كان هذا النظام لا زال قائمًا مع الصعوبات المتعددة لفتح الاعتمادات لمواطنين غير اوروبيين او اميركيين في البنوك الاوروبية وتعرض بنوك اوروبية لمخاطر الافلاس كما حدث بالنسبة لثاني اكبر بنك سويسري الكريدي سويس الذي افلس فرعه في لندن عام 2023 وبلغت خسارته 54 مليار يورو حاز على تعويضها من البنك المركزي السويسري، والحق بنك كريدي سويس بعد تعويمه براسمال قدره 3 مليارات دولار فقط، والحاقه باكبر بنك سويسري UBS.

بداية في تقدير اهمية تعاون خمس بلدان اساسية في ارتباط اقتصادي ومالي يجب ان نشير الى تمتع هذه البلدان بمزايا غير متوافرة في بقية بلدان كتلة العشرين دولة الاهم على صعيد مستويات الدخل القومي.

عدد سكان الدول الخمسة كبير الاهمية. فالصين والهند وحدهما يشكلان نسبة 28% من سكان العالم، ومساحة اراضي الدول الخمسة التي تشمل اربعة من اكبر دول العالم مساحة اي روسيا، وأستراليا والصين والهند حيث تبلغ مساحة البلدان الاربعة نسبة تفوق ال40% من المساحة الارضية، وثلاثة من البلدان الخمسة هي دول نووية اي الهند، الصين وروسيا.

خلال القرون الوسطى اهم مصدر لثقة من يحتفظون بالمنتجات الثمينة سواء لحفظ ثرواتهم او اللجوء اوقات الضيق في وسائل الاحتماء لحفظ منتجات ذات قيمة. ومعلوم ان

روسيا اغنى بلد بالاحتياطي الذهبي كما ان استراليا تحتوي على الذهب واهم من استراليا على هذا الصعيد هي جنوب افريقيا التي تحتوي ثاني اكبر احتياطي ذهبي عالميًا.

السنوات الاخيرة تفجرت عن طاقات الذكاء الاصطناعي ومنذ ما يزيد على عشر سنوات انجز استاذ اقتصاد في هارفرد دراسة عنوانها بمحتواها اي THE BEST AND THE BRIGHEST وهو كان يشير الى دراسته حول اذكى تلامذة الدكتوراه في جامعات اميركا المعروفة لانتقاء الف مرشح للانضمام الى لائحة الموهبين، فكانت النتائج تبين الجدول التالي في الاهمية:

الصينيون في المرتبة الاولى

الاميركيون في المرتبة الثانية، علمًا بان من اصلهم صيني كانوا الاهم بين هؤلاء.

اليابانيون في المرتبة الثالثة

الفرنسيون في المرتبة الرابعة

ولا شك ان لائحة المبدعين في مجالات الذكاء الاصطناعي تتوسع بعلماء في كوريا، واليابان، ومسجلي الاختراعات في مجال برامج الذكاء الاصطناعي الذين يسجلون نتائج اعمالهم ومنهم عدد كبير من علماء الذكاء الاصطناعي الاميركيين هم من اصل صيني. وخلال السنتين المنصرمتين تعاظمت هجرة العلماء من اصل صيني من الولايات المتحدة الى الصين.

هنا نصل الى ميزة يصعب تكرارها اي توافر المياه الحلوة الصالحة للشرب وللزراعة وروسيا تحتوي اكبر بحيرة للمياه الحلوة بالعالم، والتي تمتد على طول 600 كيلومتر وتبلغ بعض اعماقها 1500 مترًا، وكميات مياهها تكفي لسد حاجات جميع البشر.

لا شك ان التعاون الخماسي له ابعاد كبيرة لم تستغل كليًا والتحدي للعالم يجب ان يكون تطور التعاون مع هذه الكتلة.

مروان اسكندر