4 سنوات مع بايدن: هل العالم أفضل؟
بقلم موفق حرب
«أساس ميديا»
خلال المناظرة الأخيرة في حملة الانتخابات الرئاسية لعام 1980 بين رونالد ريغان وجيمي كارتر، سأل ريغان الأميركيين السؤال الشهير أن يتأمّلوا ما إذا كانوا أفضل حالاً ممّا كانوا عليه قبل أربع سنوات… فأين الشرق الأوسط ومنطقتنا من هذا السؤال؟
“هل أنت أفضل حالاً ممّا كنت عليه قبل أربع سنوات؟… أما زالت أميركا تحظى بالاحترام نفسه في العالم كما كانت؟ هل تشعر أنّ أمننا بالأمان نفسه، وأنّنا بالقوّة نفسها كما كنّا قبل أربع سنوات؟”.
لو سئل هذا السؤال اليوم إلى قادة الدول الذين كانوا يستمعون إلى خطاب الرئيس جو بايدن في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ما كان سيكون الجواب؟
بايدن كان يشير إلى الأحداث العالمية التي عايشها منذ دخوله المعترك السياسي في عام 1972، وعدّد حروب الشرق الأوسط، الحرب الباردة وحرب فيتنام، وكأنّها شيء من الماضي.
العالم وحروب ولاية بايدن
لكنّ العالم في السنوات الأربع الأخيرة، تزامناً مع وصوله إلى البيت الأبيض، شهد اندلاع حروب وتفجّر نزاعات ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط بل أيضاً في أوروبا التي تشهد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية أعنف حرب حين قامت روسيا باجتياح أوكرانيا وخيّم شبح استعمال السلاح النووي في هذا الصراع وإمكانية أن يتوسّع إلى مواجهة مباشرة بين حلف شمال الأطلسي وروسيا. وهناك شبه حرب باردة بين روسيا وأميركا، وحرب تجارية بين أميركا والصين تأخذ في بعض الأحيان شكل توتّرات واستفزازات عسكرية في مناطق نزاع، وتحديداً في ما يخصّ تايوان والفلبين.
الشرق الأوسط الذي يعتقد بايدن بأنّه يلمّ بقضاياه ومشاكله المزمنة استعاد بشكل عنيف نزاعاته المزمنة.
لقد شهدت ولاية بايدن التي تشارف على الانتهاء انفجار الشرق الأوسط بطريقة غير مسبوقة. وكأنّ الصراع العربي الإسرائيلي قد بدأ اليوم. إضافة إلى نزاعات أخرى لم تساهم واشنطن في الحؤول دون تأزّمها كالسودان واليمن.
من قائد… إلى شرطيّ إطفاء
قد يأخذ البعض على إدارة بايدن أنّها تصرّفت مع الأزمات العالمية كمعهد دراسات ولم تنخرط بشكل جدّي وفعّال لاحتوائها لأنّ سياسة بايدن عُصارتُها أن “تقود” الولايات المتحدة من خلال تحالفات مع شركاء واشنطن في العالم، باعتبار أنّ هذا يعزّز من فرص نجاح الجهود في مواجهة التحدّيات. ولتنفيذها ابتعد عن منطق الأحادية كي يخفّف من التكاليف الكبرى لانخراط واشنطن مباشرة في الحروب والنزاعات في العالم.
تباهى بأنّه أنهى الحرب الأطول في تاريخ الولايات المتحدة وانسحب من أفغانستان، على الرغم من أحداث العنف يوم الانسحاب التي ذهب ضحيّتها جنود أميركيون، وبأنّ في عهده لا تخوض الولايات المتحدة حروباً في أيّ منطقة في العالم.
لكن في السنة الأخيرة من ولايته استحقّت الأزمات العالمية بشكل متسارع وبدلاً من قيادة العالم مع الشركاء والحلفاء كما يرغب، تحوّلت واشنطن إلى شرطيّ إطفاء حرائق الشرق الأوسط.
إخفاقات سياسة بايدن في العالم
هي نزاعات كانت موجودة قبل بايدن ولن تذهب مع ذهابه. إلا أنّ إدارته أخفقت في منعها من التأجّج وحتى إدارتها وتطويقها. وبدت متردّدة معظم الأحيان ولا تمتلك رؤية واضحة، خصوصاً في الشرق الأوسط.
فلم تنجح في وقف تطوير إيران لبرنامجها النووي. وبعد مضيّ ما يقارب سنة فشلت في وقف حرب غزة ومنعها من التوسّع. وهي الآن تحاول وقف تدمير لبنان. كما وصلت مساعيها للتوصّل إلى اتفاق إسرائيلي سعودي إلى حائط مسدود نتيجة حرب غزة والآن حرب لبنان. كما أنّ دعمها لأوكرانيا لم يؤدِّ إلى وقف الحرب التي تحوّلت إلى حرب استنزاف، ولذلك تأثيرات سلبية على الاقتصادين الأوروبي والعالمي.
يمكن القول إنّها ليست فقط إدارة اللاإنجازات، بل وإدارة الإخفاقات في السياسة الخارجية.
الرئيس السابق ترامب المعروف بنرجسيّته، وغير المعروف بإلمامه في الشؤون الدولية، يستطيع القول إنّ العالم في عهده كان أكثر استقراراً. ربّما يكون ذلك بسبب جائحة كورونا التي عطّلت الكرة الأرضية لسنتين وأجّلت اندلاع الأزمات والحروب أو أسلوب حكمه الذي دفع البعض إلى الابتعاد عن المغامرات تجنّباً لردّات فعله غير المرتقبة.
بايدن الذي تنحّى عن خوض الانتخابات الرئاسية لن يكون بينه وبين ترامب مناظرة حول السياسة الخارجية، وستُترك الإجابة عن السؤال ما إذا كان العالم أفضل اليوم بعد أربع سنوات على ولايته، إلى الرأي العامّ الأميركي والعالمي، في 5 تشرين الثاني المقبل.
موفق حرب