2023 أكتوبر غزّة… 2024 أكتوبر لبنان وإيران

26

بقلم نبيل عمرو

«أساس ميديا»

أصبح معروفاً وبأدقّ التفاصيل ما حدث صبيحة السابع من أكتوبر 2023، وما تلاه من وقائع جرت على مدى سنة اكتملت اليوم. غير أنّ ما بقي غامضاً من اليوم الأوّل إلى اليوم الذي نحن فيه الآن، هي النتائج السياسية التي ستسفر عنها هذه الحرب…

إذا ما نظرنا لأجندات الأطراف المشاركة في المعركة منذ 7 أكتوبر إلى اليوم، فسوف نجد أنّها جميعاً ما تزال بعيدةً عن تحقيق أهدافها، المعلنة منها والمضمرة. وما زاد الحالة غموضاً هو اتّساع مساحة الحرب وتحوّل الساحات التي كانت ثانوية فيها، إلى رئيسية، وانتقال الزخم القتالي من غزة إلى الجبهة الشمالية، مع تنامي احتمالات الدخول الإيراني إليها. وهذا سيؤدّي حتماً إلى دخول أميركي إمّا مباشرة أو بالمشاركة عن بعد، وذلك يتوقّف على نوعية الأهداف التي يجري بحثها بين الأميركيين والإسرائيليين، فقائد المنطقة الوسطى الأميركي يبحث الأمر مع القادة السياسيين والعسكريين في إسرائيل، وفي ضوء ذلك يتحدّد مستوى المشاركة الأميركية.

لبنان وإيران… بعد غزّة

السابع من أكتوبر 2023 يختلف عن السابع منه عام 2024. كان ذلك اليوم مقدّمةً للحرب على غزة التي شهدت مشاركات تضامنية وإسنادية من أطراف معسكر المقاومة بمختلف ساحاته وتشكيلاته وقدراته، وعلى مدى السنة التي انقضت لم تبلغ الأمور حدّ اندلاع حرب إقليمية تشترك فيها دول.

أمّا السابع من أكتوبر هذا العام فهو يوم مفصليّ على مستوى الشرق الأوسط والعالم. وهو اليوم الذي يحمل عنوان لبنان وإيران، والذي تثور فيه أسئلة مختلفة عن تلك التي ثارت في أكتوبر 2023، فيتحوّل السؤال من “كيف سيكون اليوم التالي في غزة بعد الحرب؟” إلى “كيف سيكون حال المنطقة والعالم إذا ما اندلعت الحرب مع إيران؟”.

مثلما اكتنف الغموض نتائج الحرب على غزة طوال سنة من الفشل في إنهائها أو التخفيف من حدّتها، فإنّ غموضاً أكثر ضبابية يلفّ ما بعد أكتوبر 2024.

– هل تظلّ المنطقة تحت طائلة حروب الردّ على الردّ؟

– هل تستغلّ إسرائيل ما تراه فرصة ثمينة سنحت لتصفّي حسابها كلّه مع إيران دفعة واحدة؟

– هل تنجرّ أميركا كما فعلت طوال حرب غزة وراء المجازفات الإسرائيلية، واضعين في الاعتبار أنّ انقساماً وقع في أميركا حول حرب إسرائيل على إيران، إذ يرى الديمقراطيون ضرورة إضعافها في أضيق نطاق ممكن، بينما يرى الجمهوريون أنّ الوقت صار مناسباً لتدمير المشروع النووي الإيراني كما صرّح بذلك دونالد ترامب؟

الانقسام الأميركي الحادّ حول هذه المسألة ينتج خطورة استثنائية في الفترة الحرجة التي لا تكون فيها الإدارة بطّة عرجاء بل كسيحة.

الضاحية… غزّة 2

أكتوبر الأوّل، الذي انتهت سنته اليوم، أسفر عن تدمير غزة، وتسجيل أعلى رقم قياسي في عدد الضحايا وأفدح تهجير داخلي ليس آخره إفراغ المنطقة الشمالية في غزة من سكّانها. أمّا في ما يتّصل بالضفّة فقد ازدادت شهيّة الاحتلال العسكري والاستيطاني للقتل والتدمير حدّ قصف مقهى في طولكرم وقتل معظم الجالسين فيه. وبموازاة ذلك، جرى تدمير منهجي لقرىً في جنوب لبنان وتحويل الضاحية الجنوبية إلى غزة 2، مع التوغّل في اغتيال القادة والكوادر في حرب إبادة منهجية ومفتوحة بلا رادٍّ ولا رادع، ووصل الأمر إلى الرمز الأوّل للمقاومة السيد حسن نصرالله وقبله الرمز الأوّل لحماس إسماعيل هنية، وآخر ما يجري الحديث عنه… قتل الخليفة المحتمل لقائد الحزب.

أمّا أكتوبر الثاني الذي بدأ اليوم، فإلى جانب تواصل الحرب على كلّ الجبهات، بحيث لم يعد فيها ثانوي ورئيسي، نواجه هذا الشهر خطرَ حربٍ أوسع وأشدّ فتكاً وربّما تغييراً في الخرائط. غير أنّ ذلك كلّه حقّق نتيجة استراتيجية أصابت إسرائيل في الصميم. إذ تبدو أبعد من أيّ وقت مضى عن أن تكون، كما تمنّى مؤسّسوها أن يروها، جزءاً طبيعياً من الشرق الأوسط. فهي اختارت أن تبتعد وأن تضيّع الفرص الثمينة التي سنحت لإنجاز ذلك، مفضّلةً الدبّابة والطائرة والقنبلة والاغتيال كوسيلة أولى وأخيرة في التعامل مع شعوب المنطقة. وهذا له ما بعده. والخاسر الأكبر في هذه المعادلة هي إسرائيل.

نبيل عمرو

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.