يمكن للغرب التخلّص “سلمياً” من إيران

6

إيمان شمص

«أساس ميديا»

يعتقد النائب والوزير البريطاني السابق عن حزب المحافظين ديفيد جونز، أنّ الغرب القويّ بقيادة واشنطن، يستطيع أن يتخلّص من إيران.. ومن دون الحاجة إلى إطلاق رصاصة واحدة. ويرى أنّ طهران استغلّت بشكل كامل المواقف التفاوضية السيّئة التي اتّبعها الغرب، وأنّ الولاية الثانية للرئيس الأميركي دونالد ترامب تقدّم فرصة للولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول الاتّحاد الأوروبي للتوحّد في مواجهة التهديدات المشتركة، وأبرزها الدكتاتوريّة الإسلامية التي تحكم إيران.

 يذكّر جونز بما كتبه الرئيس الأميركي جون كينيدي في 23 كانون الثاني 1963، في ذروة الحرب الباردة، إلى السياسي الفرنسي جان مونيه الذي قاد حركة توحيد أوروبا الغربية في خمسينيات وستّينيات القرن العشرين، فأُطلق عليه اسم “أبي المجموعة الأوروبية”: “يمكن لأميركا وأوروبا الموحّدة من خلال العمل بشراكة كاملة وفعّالة، أن تجدا حلولاً لتلك المشاكل العاجلة التي تواجه البشرية جمعاء في هذا الوقت الحاسم”. ويعتقد أنّه على الرغم من أنّ هذه المشاكل تغيّرت كثيراً على مدى العقود الستّة الماضية، إلا أنّ تصريح كينيدي لا يزال صحيحاً اليوم. والآن هو الوقت المناسب للغرب لبناء الإجماع العالمي على عدم السماح لإيران بالحصول على أسلحة نووية.

فرصة مغلقة

يحذّر جونز من أنّ الغرب يواجه فرصة مغلقة لمعالجة التهديد النووي الإيراني، مذكّراً بتصريح المدير العامّ للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في 21 كانون الثاني، الذي قال فيه إنّ إيران “تضغط على دوّاسة الوقود، بزيادة إنتاجها من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60 في المئة سبعة أضعاف”.

يعتبر أنّ الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا فشلت في جهودها الرامية إلى عقد اتّفاق يمكن التحقّق منه لإغلاق الطريق أمام أن تصبح طهران دولة مسلّحة نوويّاً. وقد استغلّت طهران بالكامل مواقف التفاوض السيّئة التي تبنّاها الغرب، ومحاولات المصالحة والاسترضاء الصريح. وبدلاً من ردعها، أصبحت طموحات النظام النوويّة الخبيثة أكثر حدّة من أيّ وقت مضى.

خدعت مراراً وتكراراً

يرى جونز أنّ طهران خدعت مراراً وتكراراً الاتّفاقات، وخدعت الغرب، فتمتّعت بالتنازلات حتّى حين كانت تقترب من القنبلة، وأنّه على الرغم من هذا، تستمرّ المفاوضات لأنّ الكثيرين في الغرب يخدعون أنفسهم بأنّ البديل الوحيد هو الحرب.

يؤكّد أنّ “البديل الحقيقي هو سياسة قويّة لتطبيق أقصى قدر من الضغط، مع عدّة إجراءات محدّدة هي:

1-  يجب أن يكون هناك حظر حقيقي على النفط والغاز لقطع التمويل عن النظام.

2- تجب إعادة تفعيل عقوبات الأمم المتحدة التي تمّ تعليقها بموجب الاتّفاق النووي لعام 2015 من خلال آليّة “العودة السريعة” في الاتّفاق نفسه.

3- تجب محاسبة قادة النظام على سلوكهم الإجرامي، بما في ذلك الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الداخل، والعدوان في المنطقة المحيطة، وتقديم الدعم لروسيا في حربها مع أوكرانيا.

4- يجب على الولايات المتّحدة والاتّحاد الأوروبي تقديم الدعم المعنوي والسياسي لتطلّعات الشعب الإيراني الديمقراطية وللائتلاف الديمقراطي والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، مع منظمة مجاهدي خلق في مركزه. وهناك سابقة تمثّلت في إعراب العديد من صنّاع السياسات والخبراء الغربيين بالفعل عن دعمهم لحركة المعارضة الديمقراطية ويعترفون بقدرتها على البقاء قوّةً للتغيير داخل الجمهورية الإسلامية.

القدرة على تغيير النظام

أما في ما يتعلّق بالإجراء الأخير المتعلّق بقدرة المعارضة الإيرانية على تغيير النظام، فيذكر جونز أنّ “هذا الأمر تجلّى بوضوح خلال اندلاع الاحتجاجات على مستوى البلاد في أواخر عام 2022. فعلى الرغم من نجاة النظام بصعوبة، بعد مقتل 750 متظاهراً واعتقال 30 ألفاً آخرين، إلّا أنّ المشاعر المناهضة للحكومة استمرّت دون هوادة في المجتمع الإيراني، بدعم من خطّة ملموسة لتغيير النظام وشبكة وطنية من “وحدات المقاومة” التابعة لمنظّمة مجاهدي خلق”.

الحاجة إلى دعم الغرب

يعتبر أنّ “هذه الرؤية يجب أن تدعمها الحكومات الغربية، كما يدعمها بالفعل العديد من برلمانيّيها ومسؤوليها. وهي رؤية تزداد إمكانية تحقيقها مع تفاقم محنة طهران الداخلية بسبب خسائرها الأخرى. ففي العام الماضي وحده، عانت إيران من انتكاسات مدمّرة داخل المنطقة كانت ذروتها سقوط دكتاتورية بشار الأسد في سوريا، المحور الرئيسي لاستراتيجية طهران الإقليمية لأكثر من أربعة عقود. وقد أظهرت الإطاحة به أنّ الاستبداد الكبير المدجّج بالسلاح والمموَّل بشكل جيّد لا يمكنه مواجهة ثورة واسعة النطاق من قبل السكّان الذين يرغبون في التخلّص منه، وخاصة عندما يكون هذا الاستبداد معزولاً دولياً، كما يمكن ويجب أن يكون النظام الإيراني. وإنّ من شأن مثل هذه العزلة تمكين القوى داخل إيران بشكل كبير.

بحسب جونز يجب على الغرب مع تولّي إدارة ترامب الجديدة زمام المبادرة أن يتبنّى سياسة موحّدة وقويّة للضغط الأقصى. ويجب عليه أن يصنّف القوّة شبه العسكرية القمعيّة والعدائية في إيران، الحرس الثوري الإسلامي، منظّمةً إرهابية. وإنّ على الولايات المتحدة أن تقف إلى جانب الشعب الإيراني وتطلّعاته الديمقراطية من خلال الاعتراف رسمياً بحقّه في النضال ضدّ الدكتاتورية الدينية والسعي إلى بناء مجتمع مستقبلي مستند إلى خطّة مريم رجوي المكوّنة من عشر نقاط، التي تشمل إجراء انتخابات حرّة ونزيهة، والمساواة بين الجنسين، وحقوق الأقلّيات، وسيادة القانون، والأهمّ من ذلك وضع حدّ للبرنامج النووي للنظام. ويعتقد أنّ مثل هذا النهج من شأنه أن يجعل آية الله يعلم فوراً أنّ الغرب متّحد والوقت ينفد بالنسبة لنظامه الخبيث.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.