رعى وزير البيئة في حكومة تصريف الاعمال ناصر ياسين ورشة عمل بعنوان “أي مبادئ بيئية ووطنية لادارة قطاع المقالع والكسارات؟”، في فندق “راديسون بلو” – بيروت، تخللتها نقاشات بين ممثلي الوزارات والخبراء والقضاة، وأسست لدور كبير للمحاكم والقضاة وهيئة القضايا في مقاضاة المخالفين في هذا القطاع، كما ساهمت في وضع رؤية عن كيفية التنظيم على المدى البعيد عبر وضع استراتيجية وطنية متكاملة وإطار قانوني تنظيمي”.
نظمت الورشة وزارة البيئة بالتعاون مع مؤسسة “هانز زايدل” ولجنة البيئة النيابية، تحدث خلالها ياسين واكد “أن وزارة البيئة وضعت خارطة طريق من ثلاثة محاور واتجاهات هي الجانب المالي وكيفية تحصيل المستحقات من هذا القطاع للخزينة”، واوضح أنه “بدأ الاعداد لاوامر التحصيل وفي حوكمة القطاع بطرق سلمية وقوننته”، مشددا “على الحاجة الى قانون اطاري حديث واعطاء امكانيات للمجلس الوطني للمقالع وسكرتاريا دائمة وقدرة على المتابعة والمراقبة”.
وتحدث في جلسة الافتتاح الصحافي البيئي حبيب معلوف عن “كيفية الاعداد لهذه الورشة التي دعي اليها كل الاطراف من وزارات وخبراء واكاديميون وقضاة لمحاولة الالمام بكل جوانب هذه القضية التي خسرت فيها الخزينة مليارات الدولارات (3،7 مليار دولار حسب آخر دراسة) والتي يعمل فيها أكثر من 1300 موقع مخالف ومشوه”، واكد “ضرورة فتح كل الخيارات لحماية التنوع البيولوجي والموارد لاسيما فتح باب الاستيراد بدل الاستثمار”.
ثم شرح انطوان غريب من مؤسسة “هانز زايدل” تاريخ المؤسسة واهمية هذا الملف والتعاون بينها وبين وزارة البيئة، تلته الدكتورة منال مسلم متحدثة عن المستحقات من هذا القطاع وعرضت “دراسة لبرنامج الامم المتحدة الانمائي حددت كلفة التدهور البيئي والتأهيل”، مشيرة الى ان “هذه الدراسة انطلقت من قرارات مجلس الوزراء بتكليف الجيش بمسح المواقع ومراجعة القوانين التي تسمح لوزارة البيئة بالمطالبة وباستيفاء تعويضات عن الاضرار البيئية التي تسبب بها هذا القطاع”، ولفتت الى ان هذه “الدراسة شملت 1474 موقعا ومقلعا وكسارة ومرملة، ودرست نسب وحجم الاستخراج بالأمتار المربعة والمكعبة. وقد تم تحديد اسماء اصحاب العقارات والمستثمرين ووضع برنامج الكتروني حديث للوصول الى المعلومات وتطويرها”.
اما المدير العام السابق لوزارة الاشغال طانيوس بولس فأشار الى ان “المشاريع الكبرى للبنان تحتاج الى كميات كبيرة من مواد البناء، لاسيما لإنشاء محطات كهرباء وتوسيع مطار بيروت وقطاع الطرق شق وصيانة وبناء أنفاق وجسور”، واكد “ضرورة اعادة تدوير انتاج الحفر في هذه الأعمال لتوفير تشويه المزيد من الجبال”، مطالبا “بأن يكون في دفاتر الشروط اثناء التلزيم الزام للتصرف بمواد الحفر ضمن المشروع”، مقترحا “بدل توسيع مطار بيروت المكلف تطوير غير مطارات مثل حامات بأقل كلفة على الأصعدة كافة”.
ثم كانت كلمة للدكتور فريد كرم عن “الأسباب الموجبة لاقتراح قانون تنظيمي للقطاع”، حيث شرح “تاريخ محاولة التنظيم التي افتقدت دائما الى قانون إطاري وان يكون هناك سند تشريعي لكيفية التنظيم. وبين الأسباب الرئيسية الموجبة لهذا القانون انه يوقف هذا التناقض بين القرارات ويضع حدا للمهل الادارية غير القانونية ويعيد النظر بالتعريفات ويحدث في البيانات وطرق التنظيم والمراقبة ويوقف التضارب في الصلاحيات”.
فيما رأى المدير العام للتنظيم المدني علي رمضان “أن المشكلة الاساسية هي في المخطط التوجيهي وفي المخطط الشامل لترتيب الاراضي اللبنانية التي لم تحترم”، ولفت “إلى اهمية الشروط التي تم وضعها في المرسوم التنظيمي لاسيما الابعاد واحترام الاماكن الطبيعية والأثرية والحساسة”، وأكد “أهمية تقييم الاثر البيئي لهذه المشاريع”، طارحا “مشكلة المناطق غير المنظمة والتي تحتاج الى استكمال تنظيم”.
وكانت مداخلة للدكتور حسن دهيني عن موضوع “إعادة تأهيل المواقع المشوهة”، وعرض “لتاريخ التعاطي مع هذا الملف والقرارات ذات الصلة وما اقترحه وزير البيئة الحالي بالنسبة لإعادة تأهيل مقالع شركات الاسمنت والذي يصلح لبقية المقالع ايضا”، وشرح “شروط إعادة التأهيل لا سيما عدم التوسع في حدود الاستثمارات الحالية وعدم تغيير وجهة استخدام الأراضي”، واكد “وجود 1500 مقلع بحاجة الى اعادة تاهيل طرح كيفية تأمين التمويل”، مشددا “على ضرورة ايجاد اطار لمراقبة الاعمال والالتزام ونفاذ القوانين”.
اما نقابة المقاولين التي كانت ممثلة في الورشة بخليل العرب عن المستثمرين الذي يجمعون بين دوري الاستثمار في قطاع المقالع والكسارات وفي المقاولات، فطالب “التفاوض معهم قبل اتخاذ القرارات وتحديد التعويضات، وبعدم العودة الى الوراء في المطالبة بالرسوم والتعويضات لأن وضع البلد لا يحتمل وان الكثير من المقاولين لديهم ديون على الدولة”، معتبرا “أن النقابة ليس لديها مانع من حصر الاستثمارات باملاك الدولة، وهي لا تمانع في استيراد الرمل من الخارج وان هناك من استورد من مصر رملا جيدا وأقل ثمنا”. وعن موضوع المستحقات على المستثمرين قال “انهم مع مبدأ المساواة في الظلم عدل”.
كما تحدث ممثل مؤسسة ليبنور (مؤسسة المواصفات والمقاييس) الدكتور اسد كلاسي “عن المواصفات الالزامية التي صدرت عن المؤسسة لكل مواد البناء، وكيف يتم تحديدها واللجان الفنية التي تشارك باعدادها المرجعيات الدولية لها لكي تصبح مواصفات عالمية”. وقال “إن المؤسسة وضعت مواصفات لكل مواد البناء تقريبا وعددها 1113 مواصفة لكل قطاع البناء، 69 مواصفة منها الزامية لاسيما الاسمنت. وان تحديث هذه المواصفات توقف عام 2019 بسبب الانهيار الاقتصادي الذي حصل”، مؤكدا “ضرورة احترام هذه المواصفات في حال تم اخذ خيار الاستيراد من الخارج”.
في حين لفت ممثل نقابة المهندسين المهندس بول ناكوزي “إلى دور النقابة وتجاربها في التعاون مع هذا القطاع”. وقال “بالرغم من الحروب الاخيرة فإنه خلال 8 اشهر تقدم الى النقابة تراخيص بمليون متر مربع عمار في الاراضي المعرضة للقصف”، مشيرا إلى انه “قبل الحرب كانت النقابة تعطي تراخيص ب15 مليون متر مربع في السنة”. واذ اكد “اهمية مراقبة اعمال البناء ومسؤولية نقابة المهندسين”، تحدث “عن دور بعض وزراء الداخلية الذين منحوا أذونات بالبناء من دون تراخيص والى موضوع تسوية مخالفات البناء التي لم تكن في مكانها”. كما عرض “لتفعيل المجلس التأديبي في النقابة للمهندسين الذين يتساهلون”، مطالبا “بضرورة أن يكون هناك مهندسون يشرفون على جبالات الباطون”، قائلا “إن النقابة لا تمانع بفتح باب الاستيراد لاسيما الرمل والترابة طالما هناك احترام للمواصفات ومراقبة”.
التوصيات
وفي نهاية الورشة خرج المجتمعون بالتوصيات التالية:
– احترام مبدأ الاستدامة في ادارة قطاع المقالع والكسارت والمرامل ومعامل الاسمنت.
- حماية التنوع البيولوجي.
- تقييم الكلفة الاقتصادية والبيئية والصحية واحتساب العوامل الخارجية (البيئية والاجتماعية وغيرها) في تحديد كلفة المواد الأولية.
- فتح الباب أمام البدائل عن الاستخراج والاستثمار، لاسيما باب الاستيراد.
- التأكيد على اولوية تدوير ناتج الحفر ومخلفات البناء ووضع ذلك في دفاتر شروط التلزيمات.
-ضبط الاستخدامات في القطاعات كافة لاسيما البناء والنقل وتغيير السياسات ذات الصلة. والبحث في امكانية وضع ضريبة على الشقق الفارغة في المشاريع التجارية.
- الاتجاه الى مركزية الاستثمار والضرر وحصر الاستثمارات من قطاع المقالع والبحص في املاك الدولة ومصرف لبنان لتسهيل المراقبة وتحسين العائدات.
- تحديث المواصفات واحترامها عند فتح باب التصدير.
- وقف الاحتكار وفتح باب المنافسة.
- الطلب من وزارة الداخلية التشدد في مراقبة حمولة الشاحنات وأذونات النقل والعمار من دون تراخيص.
- إعادة النظر بدور وزارة الصناعة لناحية التسعير او السماح بالاستيراد والتصدير، مع التشدد في منع تصدير مواد بناء تم استرخاص حفرها وتشويه الجبال الى الابد.
- الاسراع والتشدد في تحصيل التعويضات والعائدات ومحاسبة المخالفين.
- الفصل بين اعادة التأهيل والاستثمار.
- وقف العمل بالمقالع والمحافر والكسارات غير المرخصة (بما فيه تلك التي تتم تحت تسميات مختلفة).
- استكمال مسح الاراضي غير الممسوحة وتنظيم المناطق غير المنظمة مع دراسات التقييم البيئي الاستراتيجي ذات الصلة.
- وضع قانون اطاري وعصري لادارة القطاع.
المقال التالي