هوامش – بقلم ميرفت سيوفي – محنة الكتابة على حافّة الستّين

66

كانت محنةً مغلّفة بسوليفان الموت وحُرقة الفراق والتفكّر طويلاً بأنّ كلّ الجيل الأوّل من عائلتك على البرّ الثاني مترقّبين أجل قدومك إليهم حيث هم في برزخ الانتظار، والفكّر في أنّه جاء دور الجيل الثاني وأنّك على رأسهم وأكبرهم، تدخلك في كهف الصمت والانتظار، ثلاث ضربات تلقّيتها من الموت لم يفصل بينها أسابيع، وأصابني صمتٌ أعجزني عن الكتابة، حتى أبي عندما مات عجزتُ عن كتابة نصّ أرثيه به، ثم هجم الموت جماعة على المنطقة لتُصبح وتنام على مشاهد الجثث عجائز وأطفالاً شيباً وشبّاناً، على مدينة كانت غزّة فصارت بحيرات من الدّم وغابات من الخراب واللجوء، والعرب لا يزالون يتفرّجون ويمنعون ويقمعون كلّ حديث أو بكاء على غزّة وأطفالها وشعبها المقتول!!

أمّا لبنان فمغلّف بنفس “الأرطة” الّذين يتقاذفون التهم والمسؤوليّات وادّعاء كلّ فريق أنّه يدافع منفرداً عن حقوق اللبنانيّين، وفي لحطة ما تكتشف أنّهم “أولاد” يلعبون بطابة هي البلد وأهله وناسه وكلّ واحد منهم يجرّ خلفه قطيعاً يرعى العشب ويقضم الجزر حتى لو كان عالماً في الذرّة أو عالماً في الذكاء أو الغباء الاصطناعي، الدكتور والمعّاز يتحدّثان بنفس الحماسة الطائفيّة حتى لو كان الموضوع ماتش لكرة السلّة فتصبح الحكمة بقدرة قادر فريق المسيحيّين القوّات ـ تحديداً ـ في مواجهة الرياضي الفريق السُنّي في عباءة المستقبل، في بلد لا مستقبل فيه ولا له!

تتأمّل في المنطقة ودولها العربيّة عموماً والخليجيّة تحديداً وهم يحاولون اللحاق بالعالم في تحويل ما كان حراماً إلى حلالٍ مفاجئاً، فيما يحوم الموت في سماء بعض دولها التي سيتقدم فيها الورثة القابضون على الحكم من دون أن نعرف إن كانوا سيلحقون بمواعيد ضربوها لأنفسهم أم سيطيح بهم القدر الذي قلب الحكم في إيران رأساً على عقب في طرفة عين بل أسرع من ذلك، وصدق الحقّ في قوله:{وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ}[القمر/50]  ، سحابات أمطار خربت المنطقة وأغرقتها بالسيول فماذا لو أمطرت وجرفت الرّمال وضربت الصواعق مباني الزّجاج وهبّت أحقاف جديدة ترعى الحفلات والاحتفالات، كلّ هذه القوة والصراعات والقتل والتقاتل والتطاول تغره شتوة واحدة، قال عزّ من قائل  ﴿فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الأرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ﴾، كلّ هذا الجبروت الذي نراه قد يقضي في على الأرض بعاصفة شمسية قويّة تهدّد الكوكب في العام 2025، أو منحفض جوّي يجعلها وحلاً يردّها إلى زمن البداوة!

أمّا الخماسيّة، فـ “خمسة وخميسة” عليها وعلى سفرائها واجتماعاتهم خصوصاً أنّهم يتجاهلون أنّ اللبنانيّين مرّ على رؤوسهم منذ خمسينات القرن الماضي وسبعيناته لجان كثيرة “وشي برؤوس وشي بلا رؤوس”!! لنا في لبنان منذ العام 1976 ونحن نودّع لجنة ونستقبل أخرى حتى مللنا منهم ومع هذا لم يملّوا من هذه التمثيليّات لأنّ دولهم أبطالها وسبب كوارثنا في لبنان، خصوصاً سفراء دول الاتحاد الأوروبي الأعزاء، لأنّ الحديث وحده عن اللاجئين أو النازجين ووجودهم على الأراضي اللبنانيّة ذاهب بالبلاد إلى حرب أهليّة هي على وشك أن تقع!!

ميرفت سيوفي

m _ syoufi@hotmail.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.